أخبار جهوية

وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة: النظام الأساسي أم نظام المآسي؟

بقلم: عبد الحكيم البقريني

أفرجت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة عن الوثيقة النهائية لمشروع النظام الأساسي في انتظار مصادقة الحكومة عليه. وهو الإطار المنظم لمهنة التدريس الذي طال انتظاره، وانتظرته الشغيلة بشغف في محاولة لتحسين أوضاعها، وتجاوز نقائص ومآسي النظام الأساسي السابق الصادر سنة 2003 وقبله نظام خيط للمآسي. بيد أن كل الآمال تبخرت أمام وثيقة حملت من العقوبات والوعيد الكثير، ومن التحفيز القليل.

ففي الوقت الذي كانت الشغيلة تنتظر نظاما محفزا يخرج الأطر من دوامة الهشاشة وينقل منظومتنا التربوية من رتبها المتدنية ليلحقها بقطار النهضة، نجد للقائمين على التشريع رأي آخر، مزيدا من الاذلال والتركيع للأطر التربوية بنظام أساسي يخفي عصا ويظهر جزرة؛ عقوبات متراكمة من توبيخ وتنبيه وقهقرة ومنع من الترقي في الرتب والدرجة وتوقيف الراتب وعزل… وجزرة بتحفيز بشواهد تقديرية تحمل تشجيعا أو تنويها أو لوحة شرف إن أنت اشتغلت أكثر، وقمت بأنشطة الحياة المدرسية، هذه الشواهد السنوية هي بمثابة صكوك ماحية للعقوبات السابقة.. أما التحفير المادي على غرار باقي مكونات القطاع أو القطاعات الأخرى فلا حق لكم يا رجال ونساء القسم.

صحيح لقد حمل النظام الأساسي جديدا تمثل في تمكين أساتذة التعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي من خارج السلم، لكن يجب التأكيد على أن هذا المكتسب تم الاتفاق عليه في اتفاق 26 أبريل 2011، ولم يفعل الاتفاق بقطاع التربية لوحده، لذلك فالوزارة ومعها الحكومة خرجت رابحة لأن سقف التنسيقية كان الأثر الإداري والمالي، وازداد ربحها بقذف كرة الترقية بملعب قوانين المالية لما بعد 2024.

خرجت الأطر التربوية خاوية الوفاض من كل زيادة أو ربح مالي من نظام أساسي طال مخاضه.. ما معنى نظام أساسي لا يضيف سنتيما بأجرة رجال ونساء التعليم؟ قد يقال الأمر خُلق بمدرسة الريادة، فنقول: هي مدارس ستكشف الأيام والسنوات اللاحقة فشلها، لأن الأرضية غير صالحة لإرساء التجربة. وبعيدا عن السوداوية والأحكام المسبقة، سنكون أول المشجعين والداعمين والمصفقين لنجاح التجربة، لأننا نطمح ونحلم بمدرسة عمومية جذابة وتحمل علامة الجودة ممارسة وإنتاجا.

سيخلق النظام الأساسي صراعا داخل المؤسسات التعليمية خاصة بين الأطر الإدارية والتربوية، فالثانية ستكون تحت رحمة الأولى. سيشهر البعض سيف ما أوتي من سلطة لترهيب وإذلال الأطر التربية، منتشيا بما قدم لهم من دعم وتعويض مالي سنوي. هي الوزارة الخالقة والداعمة لسياسة ” فرِّق تسُدْ ” وبالمناسبة نهنئ الأطر المستفيدة من الدعم الذي حمله النظام الأساسي، وإن كان لا يتناسب مع حجم الأعباء التي تراكمت وازدادت على مدار السنوات القليلة الماضية. وليعلم الجميع أنكم جزء من منظومة تربوية، أنتم رجال ونساء تربية قبل أطر إدارية، إذ المدرسة العمومية في حاجة لأطر بنفس تربوي لا إداري زاجر كما تريد الوزارة، الأطر التربوية والإدارية والتربوية شركاء في بناء شخصية التلميذ، بناء الإنسان.

أخلف النظام الأساسي لسنة 2023 الموعد مع التاريخ، لتتوالى المآسي ويستمر العطب، ويعظم نزيف المدرسة العمومية. وبالمناسبة لن أذكِّر الحكومة الحالية بشعاراتها الانتخابية، والتزاماتها الشعبية، ولكن أقول: الأطر التربوية واعية، ولا تحمل ذاكرة السمكة… وستبقى عاملة بتفان وجد خدمة للناشئة، وللوطن. إذ اختيار مهنة التدريس ليس كباقي المهن، فممارسة التدريس متعة، لا يعرف لذتها إلا من يرى شعاع المعارف تنبعث من فصله الدراسي.. ويبقى باب النضال مفتوحا من أجل انتزاع ما يمكن انتزاعه، وإن كان تمثيلياتنا النقابية قد تخلت عنا في أول منعطف للطريق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى