احتضن فضاء الذاكرة التاريخية بالحسيمة ندوة علمية حول شخصية المجاهد والوطني محمد بن أحمد العزوزي، من تنظيم النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالحسيمة، ومن تنسيق النائب الإقليمي للمندوبية السامية الأستاذ عبدالاله الشيخي والدكتورين عبد الصمد مجوقي وإبراهيم بوحولين، وتحت إشراف لجنة علمية تضم كل من: ذ. عبد الرحمان الطيبي؛ ذ. عبد الصمد مجوقي؛ ذ. عبد الرحمن الغازي؛ ذ. عبد الإله الشيخي؛ ذ. إبراهيم بوحولين؛ ذ. يونس بقيان؛ ذ. مصطفى أزرياح؛ ذ. عبد الحميد المودن. وقد افتُتح النشاط بكلمة السيد النائب الإقليمي للمندوبية، رحب فيها بالحضور مذكرا بأنشطة المندوبية، وسياق هذه الندوة التي جاءت بلورةً لمشروع تبنته النيابة الإقليمية للمندوبية السامية، لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالحسيمة، والتي انفتحت على كفاءات المنطقة بغية التعريف بأعلام الريف وشخصياته المغمورة، وارتأت أن تكون البداية من العلامة المجاهد محمد بن أحمد العزوزي، اقتناعا منها بضرورة تعرف أهل المنطقة خاصة والمغاربة عامة على إسهامات رجالات الريف في تحرير الوطن، والرقي به في شتى المجالات.
انطلقت أشغال الندوة على الساعة السادسة من مساء يوم الثلاثاء 28 يونيو 2022 ، و تضمنت جلستين علميتين: الأولى قدمت إضاءات حول المجتمع الريفي على عهد المجاهد و الفقيه محمد بن أحمد العزوزي؛ وكانت من تسيير الدكتور عبد الصمد مجوقي، وتكونت من ثلاث مداخلات الأولى للأستاذ رفيق الغازي، والموسومة ب “مجتمع الريف زمن الفقيه المقاوم محمد بن أحمد العزوزي: السياق الجيوسياسي والوضع الداخلي”، وقد حاول فيها الكشف عن واقع المجتمع الذي عاش فيه الفقيه محمد بن أحمد العزوزي (ت 1915م)، مسلطا الضوء على بعض الأحداث المحيطة به، خاصة الواقع الجيوسياسي لحوض المتوسط، التي من شأنها التأثير على منطقة الريف، وبذلك في مسار حياة هذا العلامة ، وفي تعامله ومواقفه منها؛ والمداخلة الثانية للدكتور مراد جدي بعنوان “جدلية المجال والقبيلة ببلاد الريف شمال المغرب الأقصى خلال القرنين 19 و20م”، والتي قامت بالتنقيب في العلاقة الجدلية بين القبيلة والأرض أو المجال، وذلك باعتبار هذه الأخيرة شرطا مؤسسا للانتماء المشترك لأهالي القبيلة، كما أن المجال يكتسب هويته وتاريخه ودلالاته من دواعي الروابط الاجتماعية القبلية الموجودة على أرضه ومستلزماتها؛ والمداخلة الثالثة للدكتور عبد الرحمن الغازي بعنوان “التجلي الثقافي في شعر الفقيه المجاهد محمد بن أحمد العزوزي الريفي”، قدم فيها قراءة رامت تسليط الضوء على حضور البعد الثقافي في الأعمال الشعرية للفقيه من أجل الإسهام في إعداد تمثل سليم لإبداعات الفقيه، والنأي بها بعيدا عن كل ما من شأنه أن يفسد جوهرها، وذلك من خلال ربط هذه الإبداعات بسياقات الإنتاج والبيئة الاجتماعية التي نشأت فيها.
أما الجلسة الثانية فقد تمحورت حول العلامة المجاهد محمد بن أحمد العزوزي: نظرات حول شخصيته وأعماله، وقد سيرها الدكتور محمد الحراز، وضمت أربع مداخلات؛ الأولى للأستاذ علي بلحسن، قدم فيها قراءة في وثيقة للقاضي أحمد العزوزي، حلل فيها مضامين الوثيقة، واضعا إياها في سياقها التاريخي؛ تلتها مداخلة للدكتور عبد الصمد مجوقي بعنوان “محمد بن أحمد العزوزي: العَلاّمة المُقاوِم”، سلط فيها الضوء على جوانب من حياة الفقيه العزوزي، مستعرضا أهم المحطات التي بصمت حياة الرجل، بدءا من نشأته بقرية امرابطن، مرورا بحياته العلمية والآثار التي خلفها. كما وقف عند مقاومته لأعداء الريف والوطن، لاسيما مقاومته للدعي بوحمارة، ثم مشاركته إلى جانب الشريف محمد أمزيان في مقاومة المحتل الإسباني، مشيرا إلى ملابسات استشهاده؛ بينما المداخلة الثالثة كانت بعنوان “الفقيه محمد بن حدو بن عزوز الورياغلي (ت. بين: 1915، و1917م/1333، و1335هـ) فقيها وأصوليا: نظرات في تقييده حول حيازة الماء” ، وتناول فيها منهج الفقيه في استصدار فتوى حول النازلة؛ والمصادر التي استقاها منها. وقد اختتم اللقاء العلمي بمداخلة الدكتور قسوح اليماني الذي وسمها ب “الصلاح والوعي الوطني التحرري في شخصية محمد بن أحمد (حدو) العزوزي الورياغلي؛ الأسس، التجليات، والسمات”، وقد تناول فيها كما هو جلي من عنوانها أسس الصلاح والوعي الوطني التحرري لدى الفقيه، وتجلياته وسماته.
وبعد استيفاء أعمال الجلستين، فتح المسير المجال أمام تدخلات الحضور، الذي أثار مجموعة من الملاحظات والتساؤلات حول المداخلات، كما قدموا إضافات. وفي الختام وزع السيد النائب الإقليمي شهادات تقديرية على المشاركين في أشغال الندوة.