انتهاء الموسم الدراسي في المغرب على إيقاع الاحتجاجات: هل يُنذر الموسم المقبل بحراك تعليمي واسع؟

بقلم: عبد الحكيم البقريني
أنهى الأساتذة والموسم الدراسي بالمغرب على وقع تصاعد وتيرة الاحتجاجات، التي اتخذت طابعا غير مسبوق من حيث تنوع المطالب وتعدد الفئات التعليمية المنخرطة فيها، وسط تساؤلات مشروعة حول مستقبل الدخول المدرسي المقبل، في ظل الغليان الذي تعرفه الساحة التربوية.
لعل من أبرز مظاهر التوتر هذا الموسم كانت مقاطعة الأساتذة لتكوين الريادة، الذي دعت إليه الوزارة الوصية بهدف إعداد أطر تربوية تتحمل مهام تنسيق وتدبيرية داخل المؤسسات التعليمية. واعتبر عدد من الأساتذة هذا التكوين غير مؤطر قانونيا وغير واضح الأهداف، مما دفعهم إلى رفض المشاركة فيه، خاصة في ظل غياب تحفيزات واضحة ومكتوبة تضمن حقوق المشاركين.
كما شهدت الأسابيع الأخيرة من السنة الدراسية مقاطعة أساتذة الفيزياء وعلوم الحياة والأرض لما يُعرف بـ”الرائز”، وهو اختبار تقويمي كانت الوزارة تنوي اعتماده لقياس مردودية التلاميذ ونقاط الضعف التعليمية. غير أن الأساتذة اعتبروا هذه الخطوة عبئا إضافيا لا يدخل ضمن مهامهم الرسمية، خصوصا في ظل ظروف العمل الصعبة وغياب الاعتراف بالمجهودات المبذولة خلال الموسم.
وفي سياق متصل، دخل عدد من الأساتذة في إضرابات واعتصامات بعد حرمانهم من توقيع محضر الخروج، بدعوى مقاطعتهم لتكوين الريادة. وقد أثار هذا القرار موجة من الاستياء، حيث اعتُبر تصرفا “تعسفيا” من طرف المديريات الإقليمية التي ربطت التوقيع على المحضر بالمشاركة في التكوين.
لم يكد الرأي العام التعليمي يستفيق من تبعات الإضرابات حتى هزته فاجعة انتحار أستاذ بالدار البيضاء، في حادثة مؤلمة فتحت الباب على مصراعيه للنقاش حول الضغوط النفسية والاجتماعية التي باتت تلاحق رجال ونساء التعليم. وخرجت شغيلة التعليم للاحتجاج، معتبرة أن الحادث ليس معزولًا، بل نتيجة طبيعية للسياسات “المرهقة والمجحفة” في حقهم.
وفي يوم 30 يونيو 2025، نظمت تنسيقية تعليمية وقفة احتجاجية وطنية، للمطالبة بتنفيذ الأثر الإداري والمالي لاتفاق 26 أبريل 2011، الذي كان قد وُقع بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية. ورغم مرور أكثر من عقد على هذا الاتفاق، لا تزال العديد من بنوده حبيسة الأدراج، ما زاد من حالة الاحتقان وعمّق من أزمة الثقة بين الحكومة والأساتذة.
وسط هذا المشهد المتأزم، يُطرح سؤال جوهري: هل تمهّد هذه الاحتجاجات لحراك تعليمي واسع مع بداية الموسم المقبل؟
تصريحات وبيانات النقابات الخمس الأكثر تمثيلية توحي بذلك، خاصة في ظل توالي البلاغات التي تحذر من “استمرار تجاهل مطالب الأسرة التعليمية”، وتلوّح بخطوات تصعيدية مع بداية الدخول المدرسي، إذا لم تبادر الحكومة إلى فتح حوار حقيقي يفضي إلى نتائج ملموسة.
انتهى الموسم الدراسي على وقع القلق والتوتر، تاركا وراءه مشهدا تربويا غير مستقر. ومع تزايد الأصوات المطالبة بالكرامة والعدالة داخل قطاع التعليم، يبدو أن الدخول المدرسي المقبل سيكون على صفيح ساخن، ما لم تسارع الجهات المعنية إلى تدارك الوضع وإعادة جسور الثقة مع نساء ورجال التعليم.