اقتصاد وسياسة

حملة انتخابية قبل الأوان: الحكومة تُصفّق لنفسها والمواطن يكتوي بنيران الغلاء

بقلم: عبد الحكيم البقريني

في مشهد سياسي يعكس مفارقة صارخة بين الواقع المعاش وخطاب الإنجاز، عقد زعماء أحزاب الأغلبية الحكومية اجتماعا استثنائيا بصفتهم وزراء في الحكومة، ليشيدوا بأداء الحكومة التي يسيرونها بأنفسهم. اجتماع بدا أقرب إلى “جلسة تصفيق ذاتي” منه إلى تقييم حقيقي للأوضاع أو نقد بناء لأداء مؤسسات الدولة.
الوزراء، وقد توحدت صفوفهم تحت يافطة “أحزاب الأغلبية”، قرروا أن يختصروا الطريق، فلم ينتظروا إشادة المواطن الذي يئنّ تحت وطأة الغلاء وتدهور القدرة الشرائية، بل بادروا إلى تهنئة أنفسهم، وتثمين مجهوداتهم، والإشادة بنجاحهم في مواجهة الأزمات، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء الالتفات إلى الشارع الذي يغلي.
المشهد المغربي المثير للدهشة، الذي بات يتكرر بصيغ مختلفة، يظهر كيف أصبح الوزير يصفّق لنفسه، ويهنئ زميله في الحكومة، قبل أن يصدروا معا بيان إشادة بأنفسهم. هذا النوع من الأداء السياسي يعكس انفصالًا مقلقا بين الفاعل الحكومي والواقع الميداني، حيث تزايد معدلات الفقر والبطالة، وتقلص الأمل لدى المواطن البسيط في غد أفضل.
ما بدا في هذا الاجتماع هو محاولة لترويج حملة انتخابية مبكرة، تُستغل فيها أدوات الدولة لتمرير رسائل موجهة للرأي العام، في وقت تتوالى فيه الأزمات التي مست المواطن في خبزه وتعليمه وصحته. حكومة صارت بارعة في التقاط الصور، وإصدار البيانات، وتلميع الذات، لكنها عاجزة عن تقديم حلول واقعية، أو التفاعل الجاد مع هموم الشارع.
ووسط كل هذا، يستمر الفساد وتوزيع الريع الحزبي في تقويض ما تبقى من الثقة الشعبية في المؤسسات. حكومة لم تعد تصنع الحلول، بل تصنع الأزمات، وتدمر حياة الفئات الضعيفة، وتجهز على كل ما هو فطري وطبيعي في هذا الوطن
في ظل هذا الواقع المأزوم، لم يبقَ أمام المواطن البسيط إلا التضرع إلى الله، بعد أن سُدّت الأبواب أمامه. “اللهم اكفناهم بما شئت، واغننا عنهم، حسبنا الله ونعم الوكيل”، هكذا يعبّر كثيرون عن إحساسهم بالعجز والخوف على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى