سياقات تجاوز البهتان الثقافي للمسخ السياسي من وحي تخليد الذكرى 20 لإرهاب 16 ماي 2003 .

هناك عودة إلى مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية حيث هيمنة النزعة التجزيئية للعالم وفق نفس شروط وتداعيات مقررات عصبة الأمم مع بناء إرادات هنا وهناك للانفصال باسم تقرير المصير و تشجيع الاستقلالات لدى الأقليات والإثنيات ، وكأن القوى العظمى بصدد إحياء سايس بيكو جديدة عن طريق استعمال « القوة الناعمة » .

 

ب = القوى العظمى / الغربية والولايات المتحدة على الخصوص تتخلى تدريجيا عن حلفائها التقليديين وتهيمن على الآليات الأممية وخاصة مجلس الأمم للتعامل بانتقائية تجاه مساءلة خصومها أو ابتزاز حلفائها بالولوج إلى آلية المحكمة الجنائية الدولية ، رغم عدم مصادقتها على نظام روما ، وبذلك يظل العقاب مجالا محفوظا لها .

ج = ثالث سياق يكون فيه ميزان القوى لصالح الجناة الذين إما يحتمون بالسلطة أو يتحكمون في دواليبها .

د = سياق اللادولة حيث تغيب الدولة بمفهومها المؤسساتي وتشتغل العصابات الإرهابية محلها ، ويسود قانون الغاب ويصبح الإفلات من العقاب من إكراهات الأمر الواقع .

ه = سياق تتداخل فيه الإرادة السياسية للحكومة التي تستسلم لضغوطات الجلادين المفترضين وابتزازهم ، فتصدر قانونا للعفو لتجعلهم في منأى عن أي مسائلة أو عقاب .

و= سياق إنتعاش الشعبوية وتضخم خطاب التوحيد القسري لشتات اليسار والحال أن الأزمة في وحدة التصور ودمقرطته ، قبل الحديث عن الوحدة التنظيمية غير المنتجة الوحدة النضالية ، وكأن دروس الإئتلافات التحالفات ، داخل منظمات العمل الجماهيري الإجتماعية والحقوقية ، والمؤطرة بمنطق الإلحاقية والنزعة الذيلية ، لم تفد في شيء .

ز= سياق تنصيب العقل الأمني شراكة مع المد المحافظ لأعواد شنق ما تبقى من طموح الحركة التقدمية ، وإعدام مشروعها التقدمي والحداثي ، وما صاحبه من القتل الرمزي للذاكرة الوطنية الجماعية ومعنوي لحاملي فكر التنوير والعقلانية .

ت= سياق هيمنة تداعيات إقتصاد السوق مقابل تراجع البعد الإجتماعي في الهويات الحزبية والسياسات العمومية ، وهيمنة النزعات الفردانية ضدا على روح الإبتكار الجماعي ؛ ثم إنتعاش متضخم للمضاربة تجاه إندحار روح الإنتاج والمسؤولية الإجتماعية .

 

هذه السياقات ينبغي استحضارها ونحن بصدد بلورة مشروع مجتمعي يقوم على الديموقراطية وحقوق الإنسان ، وفي صلب هذا المشروع تقع « استراتيجية عدم الإفلات من العقاب » باعتبار الأدوار التي ستلعبها في ضمان التمتع بالحقوق وفي ترسيخ الطبيعة الديموقراطية للمؤسسات . خاصة ،وأن الدستور المغربي الجديد قد جاء بالعديد من من المقتضيات ذات الصلة ، كربط المسؤولية بالمحاسبة وتطوير أداء آليات الحكامة ،منحها اختصاصات جديدة .

فما هو دور الأحزاب المحسوبة على الصف الديموقراطي والذي تماهى هذه الأيام مع هيئات التضامن ودعم حملات مناهضة إرتفاع الأسعار ، والحال أن الإصطفاف موضوعيا مع الخصوم السياسيين لمجرد تناقضهم الثانوي مع حلفائهم الطبقيين ، يجهض الصراع ويحول دون تراكم المد ” الديموقراطي ” المفترض تأطيره بالفكر والنقد ، حماية للحقوق وتحصينا للمكتسبات ، ووقاية من أية ردة حقوقية تعيد عقارب القطيعة مع الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى مربع الصفر .

فهل من مراهنة على ما يجري عالميا من تجميد القوى الأمبريالية لدعمها اللوجستيكي لقوى الظلام والوهابية والتطرف والإرهاب المسنود بالشرعيات الدينية والهوياتية الطائفية ؟ وهل من مبادرة للعقل الأمني المغربي لإرساء شروط القطيعة مع ماضي التقليدانية السلبية بمزيد من دمقرطة الإصلاح المؤسستي وااتشريعي في العلاقة مع تدبير الشأن الديني ؟

مصطفى المنوزي

Exit mobile version