صحافة مراكش..فرض عين أم فرض كفاية؟
مجرد رأي:اسماعيل البحراوي
الصحافي كاتب يحاول البحث عن طريق إلى الحقيقة،بالرغم من عاصفة الكلمات،لإنجاز خبر جيد بعيد عن صحافة الصورة الباهتة الخالية من التحرير الأكاديمي،لأنه يدفع القراء إلى الاهتمام بكتاباته هو، وهذا النوع هم الصحافيون الكبار،كأمثال عزيز بطراح،محمد القنور،السعيد مازغ،عبد اللطيف سندباد،مراد بولرباح،وآخرين بمدينة سبعة رجال،مدينة الفكر والثقافة.
فهؤلاء حصيلةُ تجربة صحفية عميقة،ما كان لمراكش،أن تكون بوجهها الحضاري والسياحي اليوم،لو لم تكن الصحافة المكتوبة،جزءاً من هذه المسيرة.
لكن هذا لا يمنع من أن نساير التطور الرقمي،وأن نعترف بأن الصحافة الإلكترونية كان لها دور كبير في تبني الأقلام الحرة.
فالعيب ليس في الموجة الصحفية الجديدة،التي مهدت الطريق لثورة المعلومة،وسهولة الوصول إليها،بل العيب في من ارتمى بين أحضانها،بانتحاله الصفة ولو بانتمائه لذلك الوعاء الصحفي التنظيمي بالمغرب،لأنه يفقد الأهلية العلمية و الأكاديمية،علما أنه يملك آخر صيحة آليات التكنولوجيا،التي تسمح له بنقل الصورة،لكنه لا يملك الآليات الأدبية والفكرية التي كانت من أولويات أقلام الماضي الجميل بالمدينة الحمراء.
فإذا كان أعلام الإعلام المراكشي آنذاك،يؤمنون بحرية القارئ،وبحقه في الاختيار،فأصحاب الهواتف الذكية و الكاميرات ذات الحجم الكبير ،المُبهرة،ليسوا جديرين بهذه المهنة،حسب رأي روزفلت رئيس أمريكا: “ليس المجرم الحقيقي هو من يعتمد القتل أو ارتكاب أعظم المعاصي، بل هو الذي يملك شيئًا لا يكون من أهله بالغش والخداع، كالصحافي المقلِّد…”
من المهم أن يتمكن هذا الصحفي المُقلد،حسب روزفلت،من قول الحقيقة،دون انتظار أي مقابل قبل أداء الواجب المهني،لأن الصحافي كالمؤذن يعلن عن وقت الصلاة،وغير مسؤول عمن سيحضر للصلاة…هكذا هو ذلك الصحفي النزيه،الذي تحتاجه مدينة مراكش من أجل السير بها قدما،لأن أي وطن بدون تقدم صحافته،فهو مجرد جسد بلا روح….
يؤسفنا كغيورين على مدينتنا،وعلى مهنتنا الصحفية،أن نحضر لمؤتمر صحفي بمدينة سياحية وعالمية كمراكش،وبفندق كبير مصنف،داخل قاعة مُلئت بكاميرات ومكبرات صوتية تحمل شعارات صحف محترمة،مما يوحي الى نوع من الجدية والمصداقية،التي تضفي نوعا من المهنية على الندوة الصحفية،أمام حشد من الصحفيين/المصورين،لإلقاء أسئلتهم استعدادا لايام العرض،لنفاجأ بأسئلة فارغة،لا تصب في الموضوع،مما أدى إلى ردة فعل “أهينت فيها الصحافة المراكشية”.
وفي ختام رأيي هذا،أود أن أعرف ما إذا كانت الصحافة بمراكش فرض عين،أم فرض كفاية؟
فالأولى يجب أن يتزعمها أصحاب الهمم الفكرية والثقافية،ذوو الأقلام الجريئة، و ” العقول الحرة ” حتى وإن كانت لا تمتلك إلا التفكير.
أما الثانية،فهي فرض كفاية،ليس من المنظور الشرعي،بل من باب التسيب..فبمجرد امتلاك المنتسب للمهنة،آلة تصوير بأبهى تجلياتها،يصبح مهنيا في التقليد،بعيدا عن أي إبداع…
لهذا يجب حماية مهنة صاحبة الجلالة،وتقييد حدودها برفع مستوى المنتسبين إليها،للحفاظ على مكانة المدينة السياحية،لأنه بوجود هذا الانزلاق،نساهم دولة ومجتمعا،في تشويه سمعة مدينة السياحة والسياسة،مدينة الفقهاء والقضاة.
إن العبرة ليست بالكم ولكن بالكيف، فالإعلام المراكشي يعاني من تخمة في كثرة “البونجة والميكرو” وسوء استغلاهما في تنزيل الهدف الأسمى من الصحافة،وهو نصرة المظلومين وإظهار الحق،لا نصرة التفاهة والميوعة.