علاقة المغرب بالجزائر: سيرورة تاريخية .

  حسن الحاتمي

عرف شمال افريقيا الفتوحات الإسلامية بدءا من القرن السابع ميلادي، فأصبح تابعا للدولة الاموية ثم الدولة العباسية اللذان بعثا ولاة لحكم شمال افريقيا، وهنا سنخص بالذكر المغرب الأوسط والمغرب الأقصى.

عرف المغرب الأوسط عدة امارات مع الفتح الإسلامي، منها بني رستم ما بين 767/ 909 م والامارة الفاطمية ما بين 908/ 972 م والامارة الزيرية ما بين 972/ 1148م وامارة بني حماد 1007/ 1052م ثم الامارة الزيانية 1235/ 1556م. فأصبح المغرب الأوسط تابعا للدولة المرابطية بالمغرب الأقصى ما بين 1052/1147م كما تبع للحكم الموحدي ما بين 1121 /1235م.

بعد نهاية حكم الامارات بالمغرب الأوسط، حكمته الإمبراطورية العثمانية فحولت المغرب الأوسط الى ايالة تابعة لها منذ بداية القرن 16 م، وبالتالي لم يكن اسم “الجزائر” له وجودا كنظام دولة الى ان دخل الاستعمار الفرنسي 1830م.

ما بين 1504/1830 م أصبح المغرب الأوسط ايالة عثمانية يكمها بايات الإمبراطورية العثمانية، فعرف حكامها أسماء من البايات الى الباشوات ثم الاغوات(اغا)، بعدهم جاء حكم الدايات ابتداء من 1671م، كان اخر حكم الدايات حسين باشا ما بين 1818/ 1830م وفي هذه السنة سيدخل الاستعمار الفرنسي الذي سيطرد الحكم العثماني، بما عرف تاريخيا بحادثة المروحة.

 

فانطلقت المقاومة الشعبية بقيادة الأمير عبد القادر، التي امتدت من 1832 الى 1847م لعب فيها المولى عبد الرحمان بن هشام العلوي المغربي، دورا مهما في مد الأمير عبد القادر بالأسلحة والمؤونة وقوة عسكرية الى جانب الأمير، لصد فرنسا.

اما بالنسبة للمغرب الأقصى خلال العصر الوسيط، هو الاخر خضع لحكم الولاة من الامويين الى العباسيين ما بين القرنيين 7 و8 م، فتشكلت امارات منها امارة برغواطة ما بين 744 الى 961م وامارة نكور وامارة بني مدرار وامرة الادارسة والامارة الزناتية وامارة مغراوة ما بين 986 الى 1061م ثم بني يفرن وبني خزرون ثم الادارسة ما بين 788 الى 917م.

بعد نهاية  حكم الامارات ،سيتوحد المغرب تحت الدولة المرابطية التي ستحكم من  1065 الى 1133م  امتد نفوذها الى الاندلس لتحرير الامارات العربية الاندلسية من طغيان المسيحيين ،ثم ستاتي الإمبراطورية الموحدية ما بين 1133  الى  1269م وصلت  الى الأندلس والسودان (مالي والنيجر) بل سيصبح تحت تبعيتها المغرب الأوسط ،ثم سياتي حكم المرينيين ما بين 1269 الى 1372م بعدهم سيحكم السعديون ما بين 1511الى 1659م ،وقفوا في وجه التوسع العثماني من ايالة المغرب الأوسط فوصل حكم السعديين الى السودان ، بعدهم سياتي حكم الدولة العلوية منذ 1666 م الى الحاضر .

يؤكد المؤرخون، ان لكل دولة تاريخها السياسي ،وان الاحداث والسلالات الحاكمة، تعتبر جديرة بالذاكرة ،ولذلك يعتبر المغرب نموذجا في الحكم بشمال افريقيا .ففي الوقت الذي عرف فيه المغرب ترسيخ اسمه وتوحيد مجاله الجغرافي والثقافي والسياسي منذ الدولة المرابطية ما بين 1065 الى 1133م ، كان المغرب الأوسط (الجزائر) لا زال تحت حكم الامارات ،ولم يعرف  بعد مفهوم دولة ، عكس المغرب عرف مفهوم الدولة مع المرابطين وعرف مفهوم الإمبراطورية مع الموحدين التي توسعت في كل من المغرب الأوسط والسودان والاندلس، في الوقت الذي كانت فيه الجزائر لا زالت تخضع لحكم الامارات كبنو زيري وبنو حماد ،لذلك لم يظهر اسم الجزائر الا مع الاستعمار الفرنسي منذ 1830م. 

 

Exit mobile version