وزارة التربية الوطنية وسياسة التطبيل

بقلم : عبد الحكيم البقريني

مرة أخرى أخرجت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة طبولها ومزاميرها لتعلن النتائج ، وتتباهى بأرقام ومعدلات يعرف القاصي قبل الداني حقيقتها .
مرة أخرى تزين وتغَيِّب تجاعيد المنظومة التعليمية بمساحيق هجينة ، تخفي الحقائق ، وتعمّق الأزمة التي وصلت درجة التعفن .
لا يختلف عاقلان في مستوى متعلمينا ، فثلة قليلة هي المجدة والطامحة ، والمتشبثة بأصول التعلم من كد وبحث وسهر ، أما السواد الأعظم فمتشبث بالغش ، مستعين بالهاتف النقال لتلقي الإجابات المخطط لها مسبقا . لذا فكل ما تعلنه الوزارة من أرقام يحتاج للتدقيق والمراجعة ، فهو لا يعبر عن الواقع الحقيقي لمنظومتنا العليلة . وإن كنا نشيد بحالات التفوق والنبوغ .
إن هذا الوضع الهش والمتناقض يعرفه سيادة الوزير الوصي حق المعرفة ، باعتباره كان وزيرا للداخلية ، وعرابا للنموذج التنموي ، النموذج الذي رفع السقف عاليا ، وبشَّر بتنمية وغد أفضل ، قطار تعطّل قبل انطلاقه ، ورافقه تعطل الوعود الحكومية التي رفعها الحزب القائد للحكومة وأماني حليفيه ، كل ذلك تبخر، لتتوالى السنوات العجاف ، ويتأجل الالتحاق المغربي بركب التنمية .
كنا نعتقد أن عراب النموذج التنموي سيضع الأصبع على مكامن الداء والخلل ، لكن تشخيصه جانَب الصواب ، فالمنظومة تحتاج لإرادة قوية ، تقطع مع الماضي ، وتؤسس لعهد جديد مبني على الشفافية والوضوح ، والنية الصادقة لبناء الإنسان ، ولعل أول خطوة لذلك القطع مع الغش في كل تجلياته ، وإعادة النظر في آليات التقويم ومناهجه .
فكفى من الافتخار بنتائج لا تعبر عن الواقع ولا ترتبط به . وكفى من دس الرؤوس في الرمال ، ونهج سياسة الآذان الصماء . ولتعلن المحاسبة على كل من هدر الزمن التنموي التعليمي ، بداية بمشروع الميثاق الوطني وانتهاء بما ستتمخض عنه المشارات الأخيرة ومرورا بالمخطط الاستعجالي .
الإصلاح الحقيقي يقتضي مراجعة منظومة التقييم ، وإعادة النظر في آليات الإمتحانات الإشهادية ، فلا يعقل أن نستمر في تقييم نتائجه لا تعبر عن الواقع الحقيقي ، نتائج مبنية على الغش بكل طرقه ووسائله .
لقد أصبحت الامتحانات عبئا ثقيلا تتحمله الأطر التربوية ، باعتبارها في مواجهة مباشرة مع الغشاشين ، ولعل مشاهد العنف التي تطالعنا هنا وهناك خير دليل على تلك المعاناة ، كما أن شهادات بعض الممتحنين والممتحنات حول استفادتهم من الغش ، أو حرمانهم منه خير مثال على هشاشة الإجراء .. هذا الأمر يقتضي استنفارا ورجة حكومية ، وربما استدعى استقالة الوزير الوصي على القطاع أو إقالته ، لأنه لم يستطع القضاء على الموضوع الذي يسيء للمنظومة التربوية . فما بالك بوزارتنا التي تُخرج مزاميرها وطبولها لإعلان وإعلاء نتائج إمتحاناتها الإشهادية المشوهة .

Exit mobile version