الحكومة المغربية : سنابل أوكرانيا وعجول البرازيل .
بقلم : عبد الحكيم البقريني
مرة أخرى تغرد حكومتنا خارج السرب ، وتمارس التعتيم والكذب على عموم الشعب بشكل واضح . فلأسابيع خلت أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة أن أسعار المواد الفلاحية ستنخفض باقتراب رمضان ، فما زادت إلا ارتفاعا .. كما أن السيد رئيس الحكومة كان قد أعطى تعليماته للجن المراقبة لضبط الأسعار ، وفعلا تحركت اللجن مدعومة بعدسات المصورين وما زادت الأسعار إلا ارتفاعا.
لقد أرجعت الحكومة مسؤولية غلاء المعيشة تارة للحرب للروسية الأوكرانية ، ومرة أخرى للطقس البارد ، وبشرت بعودة أثمنة المواد الفلاحية بعد ارتفاع درجة الحرارة ، وها هو الجو قد تحسن فما بال الأسعار مرتفعة ؟ إنه الكذب الحكومي ، وعدم تسمية الأشياء بمسمياتها . فلماذا لم تعترف الحكومة بفشل المخطط الأخضر؟ لماذا لم تعلن عدم قدرتها على مجابهة الوسطاء والسماسرة ؟ ولماذا لم تقر بالتضخم على غرار ما أعلن من طرف مندوبية التخطيط ، وحتى والي بنك المغرب .
إنه لمن المخجل أن نستورد الحبوب والعجول والمغرب بلد فلاحي ، ويملك مؤهلات فلاحية قل نظيرها وفي مقدمتها مخزون الفوسفاط ، ومن العبث أن نعتمد فلاحة مستنزفة للفرشة المائية ، ونركز على التصدير ونتغاظى عن متطلبات السوق الداخلي .. لقد قضى المخطط الأخضر على الفلاحين الصغار ، وبات سكان القرى في بطالة وفقر . إذ أفرغت البوادي من رؤوس الماشية لتوالي سنوات الجفاف ، وغلاء الأعلاف ، وغياب الدعم لهؤلاء الصغار .
هل ستبقى الحكومة المغربية مكتوفة الأيدي أما موجة الغلاء ؟ ومتى ستتدخل ؟ لا أمل في الأفق ، وحده التجاهل والآذان الصماء سيد موقف حكومة الكفاءات ، وهو الصمت الذي اعتمدته عبر مجموعة من المحطات بداية بأسرع تعديل حكومي ، وسحب مجموعة من مراسيم قوانين ، ومرورا بتذاكر المونديال ، فمباراة المحاماة … هي سياسة عمادها كم حاجة قضيناها بتجاهلها . لكن الأمر لا يكون كذلك ، فالحكومات من واجبها إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترض الشعب .
الحكومة مطالبة بفتح تحقيق في ملف المخطط الفلاحي الأخضر ، تقوّم النتائج ، وتدقق ما رصد للمشروع من اعتمادات مالية . وهي مطالبة بإعادة رسم خريطة طريق فلاحية جديدة قوامها الاستهلاك المحلي ، وتقطع مع المضاربين والوسطاء .
حكومة سنابل أوكرانيا وعجول البرازيل تعرف جيدا خبايا المخطط الفلاحي فهي التي تبنت المشروع وحرصت على تنفيذه وتثمينه من مراحله الجنينية إلى حين تضاعف رأسمال من كان مشرفا على المشروع ، وعدم قدرة المواطن على تحقيق قوته اليومي . إنها المهزلة في أبشع صورها ، فبعدما كان المغاربة ينتقون الذبيحة ها هم على مشارف أكل لحم الجواميس ، وربما لحوما أخرى لا نعرف مصدرها .