جنازة التعليم المغربي: حين تُغتال الأستاذة بساطور التلميذ.

بقلم: عبد الحكيم البقريني
في مشهد مأساوي يكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم المغربي، اهتز الرأي العام على وقع جريمة شنيعة راحت ضحيتها أستاذة على يد تلميذ داخل مؤسسة تعليمية. لم تعد هذه الحادثة مجرد رقم في سجل العنف المدرسي، بل أصبحت مرآة تعكس حالة الانهيار الأخلاقي والتربوي الذي تعانيه المدرسة المغربية.
المدرسة، التي كانت يوماً معقلاً للقيم والتربية قبل أن تكون فضاءً للتحصيل العلمي، تحوّلت إلى ساحة صراع وعنف، تترنّح تحت وطأة الإهمال، والتهميش، وغياب الرؤية الاستراتيجية لإصلاح عميق وشامل. مقتل الأستاذة لم يكن حادثاً معزولاً، بل هو تتويج لمسار طويل من التدهور: من تقهقر مكانة المدرّس، إلى تفشي العنف اللفظي والجسدي داخل الأقسام، إلى انعدام الثقة بين مكونات المنظومة التربوية.
الجنازة التي شُيعت فيها الأستاذة لم تكن جنازة شخص فقط، بل كانت جنازة رمزية لقيم التعليم، للرسالة التربوية، وللأمن داخل المؤسسات التعليمية. كان حزن الزملاء، وذهول التلاميذ، وغضب المجتمع، بمثابة صرخة مدوية في وجه السياسات العرجاء، والإصلاحات الفوقية التي لم تمسّ جوهر الأزمة.
إن مقتل الأستاذة يعيد إلى الواجهة سؤالاً مؤرقاً: كيف وصلنا إلى هذا الدرك؟ من المسؤول عن هذا الانفلات؟ وكيف يمكن إعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية كفضاء آمن ومؤثر؟ إن الجواب لا يكمن في إدانات عابرة أو تصريحات رسمية، بل في إرادة سياسية حقيقية لإصلاح المدرسة، ورد الاعتبار للمدرس، وتأهيل الفضاءات التربوية، وتعزيز القيم داخل المناهج.
لقد آن الأوان للاعتراف بأن التعليم المغربي لا يحتاج فقط إلى إصلاح تقني، بل إلى ثورة تربوية حقيقية، تبدأ من إعادة بناء العلاقة بين التلميذ والمدرّس، وتصل إلى قلب السياسات العمومية، فإما أن ننهض بتعليمنا، أو نقرأ عليه الفاتحة.
اليوم قبل الغد، وجب إلغاء مذكرة البستنة وألا نتساهل مع المتقاعسين، فإما أن تكون تلميذا منضبطا داخل فضاء التعلم، أو لا مكان لك داخل الفضاء المدرسي.