ذ/علال بنور
يعد العمل الصحافي، من المهن الأكثر صنعة ومراقبة واكثر عرضة للجدل ،خاصة من السلطة السياسية، غير ان هذا الحكم ،يختلف بطبيعة الحال ،بين الدول الديمقراطية واللاديمقراطية ، فمساحة الحرية تتمدد وتتقلص معياريا ،غير انه برز في الآونة الأخيرة ،من داخل الأوساط الأكثر انتقادا ،للتطور الحالي، للممارسة الاعلامية، أطروحة تنعت بأطروحة الخضوع التام، وهي تؤكد، على أللاستقلالية للصحافي في ممارسته، فهو مراقب من طرف عدة أطراف، منها مدير النشر والسلطة السياسية وزملائه في المهنة، فبالرغم من ترسيخ أيديولوجيا مهنية لدى الصحافيين، تسمح لهم بالتعلل بوهم الاستقلالية في العمل الصحافي، إلا انهم غير ذلك ، يظلون خاضعين تماما على مستوى مبادراتهم للقرارات التنظيمية، التي تخدم مصالح مشغليهم.
اعتقد، أن اللانتماء هو بالضرورة انتماء، باعتبار أن أي مادة معدة للنشر فهي خطاب أيديولوجي، إما صريح او مضمر، لكن يجب على الإعلامي والصحافي ألا يكون منبرا للدعاية الفجة والاعلانات الضحلة والخطابات الرخيصة او المأجورة من خارج المؤسسة الإعلامية التي يشتغل فيها، وألا يخدم طبقة دون الاخريات، ولا يخدم يخدم حزبا دون اخر او نقابة دون أخرى ، فالإعلامي والصحافي مسؤول عن ابلاغ الخبر والثقافة لكل المجتمع بدون تحيز ، لذلك يقولون إن الصحافة صوت الشعب بدون تفيئ، وهل الصحافي ،ليس من حقه التأويل والتفسير والادلجة؟ ذلك سؤال مؤجل.
بات من المؤكد، أن الخبرة في الممارسة الصحافية ناتجة عن تجارب شخصية متراكمة مع الزمان، غير انها لا تشكل مرجعية ذاتية. تأكد، أن مصادر الخبر الصحافي متعددة، لذلك فالأمر يتعلق برهان، يهم عملية جمع المعلومات من مصادرها، فالصحافيون يعلمون علم اليقين، انهم غير قادرين على جمع المعلومات باعتمادهم على ذواتهم، لذلك يجدون أنفسهم يخضعون بالضرورة لتبعية مصادر الخبرمن جهات أخرى، بعد التأكد بطبيعة الحال، من صحة الخبر، لكي لا يجر عليهم متاعب السؤال من اين ولماذا وكيف؟؟؟
فالمادة الصحفية المعالجة الى مستوى النشر، تجعل الصحافي يدخل في تفاوض مع رئيسه، وأن مسالة الموضوعية الصحافية والعلمية والقانونية هي مبادئ، تحكم العلاقة بين الذات (الصحافي) والموضوع (الحدث)، لكن هناك علاقة يمكن أن رصدها على شكل مثلث: الصحافي كذات والمؤسسة الإعلامية كقانون والخبر كحدث، كل طرف يحتل زاوية من المثلث، وفي مساحته يوجد المجتمع الذي يذهب أحيانا ضحية الصراع، بين هذه الأطراف الثلاث.
وبالتالي، هذا البعد التنظيمي في هذا المثلث للممارسة الصحافية، هل يمنح للصحافي استقلالية القرار؟ اعتقد، أن استقلالية الصحافي تخضع الى ثلاثة أنماط، وهي: الخط التحريري للمؤسسة الإعلامية المشغلة وثقافة الصحافي والحدث أي الخبر، ولا شك، أن حكم الصحافي يتقاطع مع حكم القاضي وحكم المؤرخ، الثلاث يعتمدون في اصدار احكامهم على الشاهدة أي الوثيقة والشاهد على الحدث وحضور الصحافي للواقعة، بمفهوم الأستاذ عبد الله العروي، وتأسيسا على ذلك، نطرح سؤالا، ما مدى التزام وتقيد الصحافي بالشاهدة في اصدار حكمه؟؟ بالرغم من أن العديد من الدارسين للحقول الصحفية يتحفظون ويقرون، أن الصحافي ليس من مهامه اصدار احكام.