أخبار وطنية ودولية

العنف المدرسي: الخطر المحدق والكابوس المزعج

بقلم: عبد الحكيم البقريني

يشهد العالم في السنوات الأخيرة تناميا مقلقا لظاهرة العنف المدرسي، التي باتت تهدد أمان المؤسسات التعليمية، وتؤثر سلبا على العملية التربوية وعلى نفسية الطلاب والمعلمين على حد سواء.

إن العنف، بمختلف أشكاله اللفظية والجسدية والنفسية، أصبح ظاهرة تستدعي وقفة جادة لتحليل أسبابها وإيجاد حلول ناجعة لها.

تتنوع أسباب العنف المدرسي وتتشابك، فمنها ما يرتبط بالعوامل الأسرية، حيث تؤدي التفكك الأسري، والإهمال العاطفي، والعنف المنزلي إلى خلق بيئة خصبة لسلوكيات عدوانية عند الأبناء. كما أن الفقر والضغوط الاقتصادية قد تدفع بعض الأسر إلى ممارسة أنماط تربية قاسية، مما ينعكس على سلوك الأطفال.

من جهة أخرى، تسهم العوامل المدرسية في تغذية هذه الظاهرة، مثل الاكتظاظ في الفصول، وضعف العلاقة بين الطلاب والمعلمين، ونقص برامج الدعم النفسي والاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب الأنشطة الترفيهية والثقافية، والاعتماد على أساليب تقليدية في التدريس، يحول المدرسة إلى بيئة طاردة بدلاًمن أن تكون مكانت جاذبا للتعلم.

ولا يمكن تجاهل دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تبث أحيانا مشاهد عنف تجعل من السلوك العدواني أمرا عاديا ومقبولا، مما يؤثر على الفئات العمرية الصغيرة والشابة.

ولمواجهة هذه الظاهرة، لا بد من تبني رؤية شاملة تتعاون فيها الأسرة والمدرسة والمجتمع بأسره. تبدأ الحلول من تعزيز دور الأسرة في التنشئة السليمة للأبناء، عبر بناء جسور تواصل معهم، وغرس قيم الحوار والاحترام المتبادل.

أما على مستوى المدرسة، فيجب العمل على تهيئة بيئة تعليمية آمنة، من خلال تخفيض أعداد الطلاب في الصفوف، وتدريب المعلمين على التعامل مع السلوكيات العدوانية بطرق تربوية فعالة. كما ينبغي إدماج برامج الإرشاد النفسي والاجتماعي في المؤسسات التعليمية، وتفعيل الأنشطة الثقافية والرياضية التي تتيح للطلاب التعبير عن أنفسهم بشكل إيجابي.

على الصعيد المجتمعي، لا بد من سنّ قوانين صارمة تحمي الطلاب والمعلمين من العنف، وتنظيم حملات توعية إعلامية لترسيخ ثقافة اللاعنف والتسامح.

إن معالجة العنف المدرسي مسؤولية جماعية، تتطلب تضافر جهود مختلف الأطراف المعنية. فبناء بيئة مدرسية آمنة ومحفزة هو استثمار حقيقي في مستقبل الأجيال، وفي بناء مجتمع يسوده السلام والاحترام المتبادل.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى