تنظم الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني هذه الوقفة الاحتجاجية أمام وزارة الاتصال يومه الخميس 8 دجنبر 2022، تحت شعار : “الصحافة الوطنية ليست للبيع والتجارة والريع”. وذلك تنديدا بالأوضاع المقلقة التي آلت إليها وضعية المقاولات الإعلامية الصغرى والصحافيين العاملين لديها، نتيجة للبيروقراطية والتعسف الإداري والإقصاء الممنهج الذي ينهجه وزير الثقافة والشباب والتواصل ضد الصحافة الإلكترونية، والتعامل بالانتقائية والتفاضلية والزبونية مع المنشئات الإعلامية الكبرى على حساب المقاولات الصغرى.
مما يثير تساؤلات حول مدى توفق ونجاح السيد الوزير في تدبير هذا المرفق العمومي، إن على مستوى قطاع الثقافة الذي بات مصدرا للزوابع والتداعيات والانتقادات، أو على صعيد الإعلام والصحافة والنشر، الذي عرف مؤخرا تراجعا على مستوى المكتسبات الحقوقية والحريات.
وفي الوقت الذي تم فيه تمديد صلاحية المجلس الوطني للصحافة بغية تعديل بعض المقتضيات القانونية، وهي الإجراءات التي طالبنا بها منذ صدور مدونة الصحافة والنشر سنة 2016، والتي اعتبرناها مجحفة حينها، وناقصة ومتناقضة مع دستور 2011 والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، سيما المتعلق منها بالحريات العامة والتمكين من حرية الصحافة والرأي والتعبير. حيث كان على السيد الوزير اغتنام هذه المناسبة لفتح باب سلسلة من النقاشات والحوارات وأيام دراسية (وليس يوم دراسي) واجتماعات مباشرة مع كافة الهيئات التنظيمية دون تمييز أو تفضيل، لبلورة إعداد مشروع قانون متكامل ومنسجم مع التطورات التي يعرف قطاع الاتصال والصحافة، خاصة منه الإعلام البديل والتكنولوجيا الرقمية. وترشيح مخرجات حقيقية لتأهيل المقاولات الإعلامية الناشئة والشابة والصغرى التي تحتاج إلى الدعم والمصاحبة، عوض الاهتمام بمصاحبة مقاولات كبرى استفادت من الدعم العمومي والمساندة من الدولة لأكثر من 20 سنة. علما أن التوجهات الملكية والسياسات العمومية للحكومة أولت الاهتمامات القصوى لمقاولات الشباب في شتى مجالاتهم التعليمية وتخصصاتهم الأكاديمية. وما يبعث عن المفارقة أن وزير الشباب “الشاب” يهتم بشركات العجزة والمتقاعدين الإعلامية، ولا يهتم بمقاولات الشباب الصحفية.
وإذ نعرب عن مواقفنا تجاه سياسة وزير التواصل الذي لا يتواصل، حول قضايا ذات أهمية وأولوية في تأثيث المشهد السياسي العمومي لقطاع الصحافة والإعلام، كما نعرب عن استنكارنا للثراء الفاحش الذي يغرق المؤسسات الإعلامية الكبرى بالدعم العمومي من المال العام، فإننا نرفع شكاية خاصة ومباشرة لجلالة الملك نصره الله عن طريق الديوان الملكي للتعبير عن استيائنا من سياسة الوزير الإقصائية وعن المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الاتصال، وفي نفس الوقت نوجه توصياتنا ومخرجاتنا ومطالبنا أدناه، للمجلس الحكومي، والبرلمان، والرأي العام المهني والوطني :
– دعوة الوزير إلى عدم إعمال الزبونية والحزبية والمحسوبية والانتقائية في التعامل مع الهيئات المهنية
– دعوة وزير الاتصال إلى احترام الفصل 35 من الدستور المغربي الذي ينص على أن الدولة تضمن حرية المبادرة والمقاولة، والعدلة الاجتماعية، وحقوق الأجيال القادمة، وتكافؤ الفرص للفئات الاجتماعية الأقل حظا.
– دعوة الوزير إلى توزيع الدعم العمومي حسب التوجهات الملكية والسياسة العمومية للحكومة، والمتمثلة أساسا في دعم الشباب حاملي الشواهد العليا والتخصصات الأكاديمية والمهنية والمقاولات الإعلامية الصغرى التي تشكل متنفسا آخر وحظوظ ثانية وخيرات متعددة لامتصاص البطالة وتوفير التشغيل للمعطلين.
– دعوة مجلس الأعلى للحسابات لمساءلة ومراجعة كل الشركات الكبرى التي تلقت المال العام، والوقوف على الثراء السريع والفاحش لبعض مدراءها باسم قطاع مهني يعيش على مساعدة الدولة. في حين أن بعض الصحافيين المهنيين العاملين لدى هذه المؤسسات يعيشون أوضاعا اجتماعية مقلقة.
– المطالبة بتخصيص الدعم العمومي المباشر للصحافيين، ومصاحبة المقاولات الإعلامية عن طريق الاستثمار في مجال الإعلانات والإشهار.
– المطالبة بإحداث ظهير شريف لإنشاء تنظيم مهني يحمل اسم : “اتحاد المقاولات الإعلامية بالمغرب”، يتشكل من باطرونا النشر ومدراء المقاولات، مستقلا عن المجلس الوطني للصحافة، الذي من المفترض أن يكون خاصا بالصحافيين والصحافيات، وقانون الصحافة وأخلاقيات المهنة، والتكوين والتأطير، وذلك تفاديا للجمع بين سلطة المال وسلطة الإعلام.
– تعديل بعض مقتضيات مدونة الصحافة والنشر، وإحداث ضمنها، بالإضافة إلى القوانين الثلاث المشكلة لها، قانونا خاصا بالصحافة الإلكترونية. بالنظر لما أصبحت تتمتع به هذه الأخيرة من تعدد الوسائط ،وقوة التدفق واحتكار المعلومات، وسرعة انتشارها، وسلطة إخبارية عالمية واسعة وجغرافية إعلامية ممتدة بلا حدود.