المسيح ينزل بمراكش
بقلم:اسماعيل البحراوي
أمام الواقع المعيشي المر وتدني القدرة الشرائية,وغلاءالمعيشة..مهدت الكنيسة طريقها لاستقطاب البؤساء والفقراء منهم،عن طريق سد حاجياتهم اليومية,وإنقاذهم من براثين الفقر,بتوتير (التوتر) علاقتهم بهذا المحيط القاتم بالشكل الذي يصبحون فيه فاقدين لأي تلاؤم معه ويشعرون فيه بالاضطهاد,وإغرائهم بالدخول في دين يجسد الحياة العصرية.
*هجرة أتباع المسيح*:
بعد رفع المسيح عليه السلام،تفرق أتباعه الحٓواريون وهاجروا في الأرض واستطاع بعضهم نشر الرسالة الجديدة والتبشير بهذه الرسالة التوحيدية في بعض المناطق عند غير بني اسرائيل وكان من أبرزهم تلميذه المدعو بطرس الذي هاجر إلى آسيا الصغرى وأنطاكية، فبدأ بالدعوة واستمر فيها حوالي عشر سنوات كون بها قاعدة بسيطة،وفي الوقت نفسه نشر توما الديانة(الرسالة) في فارس والقديس برتلماوس في الهند ثم هاجر القديس بطرس إلى روما حاضرة الإمبراطورية الرومانية وأكبر مدن العالم حينذاك, ووصلها سنة 42م وبدا فيها الدعوة للديانة الجديدة،ومنذ ذلك الوقت اتخذ النصارى أساليبهم السرية المختلفة والمتنوعة لنشر دعوتهم في أكبر مساحة ممكنة حول العالم في قلب القرى التي تنتعش فيها الأمية وتغيب فيها التربية الإيمانية ويتفشى فيها الفقر القاتل .
*المسيح ينزل بمراكش*:
إن موضوع التبشير أو التنصير بمدينة سياحية كمراكش,موضوع جد حساس ومقلق جدا على أكثر من ناحية,فإنه في نمو صاعق, يراه أكثر من مهتم بأنه مهددا لكيان المدينة الحمراء,فقد أصبح المبشرون داخل البيوت وأوساط الشباب والشابات في سرية تامة ينخرون أجساد الكثير منهم بتوزيع كتيبات صغيرة تحكي عن حياة المسيح باللهجة المحلية واستمارات بأعداد وفيرة يملأها من يريد التحول إلى النصرانية وانتهاج سبل أكثر مجازفة بغية نشر الكلمة الطيبة كلمة المسيح,وتدل بعض الشواهد أن التبشير في طريقه إلى التمدد والإنتشار عبر اللهجة الدارجية في شوارع المدن الرئيسية كالدار البيضاء، مراكش، فاس، أصيلة و الرباط، أكادير وطنجة, وكذا من خلال شرائط التسجيل وأقراص مبرمجة تدور حول حياة المسيح وشرائط الفيديو التي تظهر النصارى أناسا طيبين والمسلمين أشرارا سيئين.
في بحثنا حول هذا الملف اهتدينا إلى خيط يرسم الطريق إلى اسبانيا عبر مجموعة من المراسلات تكاد من خلالها الوصول إلى معرفة حقيقة النبي عيسى عليه السلام ونفخ التراب عن بعض الأسئلة العالقة بأذهاننا حول ما مدى إخلاص هؤلاء الدعاة إلى المسيحية.. فكان الرد هكذا:
(إذاعتنا إذاعة مسيحية ولهذا يكون تركيزنا على المسيحية,نعلم أن هناك أديان أخرى لكن هدفنا من تلك البرامج هو التعريف بالدين المسيحي الذي ظل غائبا عن الساحة العربية بسبب عدة أحكام مسبقة وبسبب جهل الناس بهذا الدين نظرا للحصار الذي فرض عليه,لذلك نحس أنه من واجبنا تصحيح ما يقع من اتهامات مغلوطة عنا بالتعريف السليم والموضوعي للمسيحية والسيد المسيح)…مضيفا:(إن هدفنا هو إتاحة الفرصة لدراسة الإنجيل أو التعرف على حياة المسيح كما جاء في الإنجيل,لكل من له رغبة في ذلك و أنا لا أحب أن أتكلم عن الأديان الأخرى ولكن أود أن أؤكد نقطة هامة وهي أن المسيحية تتميز برسالة الفداء وغفران الخطايا فالصليب وموت- الرب- يسوع المسيح وقيامته هي أساس المسيحية)
ففي الوقت الذي كانت فيه المسيحية تعيش أزمة خانقة داخل بيتها الداخلي بأوربا,بتراجع عدد مريديها الكبير,اقتناعا بسماحة الإسلام,شن أصحاب بطرس يوحنا ولوقا الحرب على الإسلام وأصحابه محاولين الإيقاع بملايين الضحايا في شباك غفران الخطيئة والصليب وموت “الرب”- وذلك عبر إرسال كتيبات من فرنسا وانجلترا واسبانيا وأمريكا ولبنان,بغية التبشير بنصرانيتهم الجديدة,وإعادة الثقة من جديد في نفوس الشباب عبر تشخيص حالاتهم الإنسانية بعد اعتناقهم المسيحية واختيار السيد المسيح الذي أخذ مكانهم في الموت ودفع ثمن خطاياهم لكي يستطيعوا أن يتمتعوا بغفران الله,
كالشاب الذي بدأت قصته مع وفاة والده الذي أثر فيه موته وبعد ذلك عثر على قطة صغيرة التي أصبحت تقاسمه أكله وشربه, فالتجأ إلى الله بصيام يومين,وأكثر من الدعاء لها بالشفاء لكن القطة ماتت,فاضطربت أفكاره وتزعزع ايمانه ورفع عينه إلى الله قائلا ” لقد قلت: إن رحمتك أرحم من رحمة الأم نحو ابنها فأين هي رحمتك؟ إنك تجيب دعوة الداعي إذا دعاك فأين هي استجابتك؟ أنت لا تستحق مني أن أومن بك وأعبدك … فهكذا دخل مرحلة الإلحاد مصادفا إحدى القنوات المسيحية التي استغلت فراغه الإيماني لتملأه حقيقة الألم التي تحمّلها السيد المسيح كما يزعمون، وأضاف قائلا:” وعرفت أن رسالته رسالة سلام ومحبة وانه تألم وتحمل الأوجاع من أجلي ومات على الصليب مكاني،وقررت حينها أن أومن بالمحبة التي تجسدت في شخص السيد المسيح.
الحقيقة أن المسيحيين يستشهدون بهذه القصة المتأثرة في كتبهم المتداولة في المغرب لاستمالة أصحاب القلوب الضعيفة وعزل هؤلاء الأشخاص المستهدفين عن محيطهم الثقافي و العقائدي وشحنهم ضد معتقداتهم الإسلامية،وتوتير علاقتهم بهذا المحيط بالشكل الذي يصبحون فيه فاقدين لأي تلاؤم معه ويشعرون فيه بالاضطهاد وإغراؤهم بالدخول في دين يجسد الحياة العصرية.
كانت “ليلى” طالبة جامعية آنذاك بجامعة القاضي عياض بمراكش,حين تركت دين الإسلام واعتنقت المسيحية,إدراكا منها أن السيد المسيح مات على الصليب لينقذها من العذاب,متأثرة بأختها الكبيرة التي تؤمن إيمانا قويا أن المسيحية هي الرسالة الحقيقية التي تساير العصر في الكثير من المواقف.أما “سعيد” شاب في عقده الثاني,كان على علم بأن الإسلام هو الدين العالمي,وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو المثال الكامل والأسوة الخلقية الحسنة,وخاتم الرسل,لكن اعتناقه المسيحية جاء جراء معاناته المعيشية التي كان يتجرعها رفقة أهله بحي المحاميد,إلى ذلك اليوم الذي صادف فيه رجلا غليظ الهيئة,محمر الوجنتين,طويل القامة,يتقن التحدث باللهجة الدارجية,سارع بالتحدث إليه بابتسامة قصيرة,تاركا وراءه انطباعا جميلا في قلبه,حيث تطورت العلاقة وصارا صديقين لا يفارقهما سوى المبيت.
لم يعد سعيد بعدها في حاجة للمال واللباس,ولا الفتيات اللواتي يتهافتن عليه عند عودته من الديار الأوروبية,قد حقق كل أحلامه من ترف وبذخ,لكن حنينه إلى “الإسلام”لا زال يراوده كل حين,عالما أنه حنين محفوف بخطر انتقام المبشرين منه.
*خطر الكنيسة يهدد الأمن بمراكش*:
الكنيسة بشتى أنواعها الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذيسكية لا تنقصها الوسائل التي تساعد المبشرين على إعداد المغاربة المتنصرين بحيث يصبحون بدورهم رسلا للمسيح وذلك بتوزيع الأشرطة المسموعة والمرئية وترجمة الكتاب المقدس الذي يوزع بكميات هائلة في المكتبات,وليس ذلك وحده بل يتم استغلال العمل الإنساني في نشاطهم التبشيري مركزين في اختيار ضحاياهم على الأشخاص الفقراء،فبعض المراكشيون الفقراء قد يتنصرون لقاء مبلغ المال ووعود كاذبة بألوان الرعاية الصحية المختلفة.
وتقول بعض المصادر إن القنصليات الأوروبية تغدق بسهولة كبيرة تأشيرات الدخول إلى بلادها على من يقدم نفسه إليها من المغاربة على أنه نصراني مضطهد وهو الكنز الثمين الذي يحصل عليه هؤلاء المتنصرين.
إنها حملات تبشيرية مكشوفة تهدف إلى غزو النفوس بطرق منهجية وممنهجة حتى يمارسون عقيدتهم في حرية تامة ويتقاسمونها مع إخوانهم المغاربة المتنصرين,مستفيدين بهذه الطريقة من بعض الثغرات الدستورية والنصوص القانونية التي تنص بعبارة صريحة على حرية ممارسة الشعائر بالنسبة لكل مواطن مغربي,ومع ذلك فما يرتكبه المبشرون من مخالفات كثيرا ما يتخذ حجة من قبل السلطات الأمنية لتسويغ بعض القيود التي تستهدف حرية إقامة الشعائر،وفي هذا الجو المشحون فإن المبشرين لا يترددون عن انتهاج ألوان من المخاطرات من أجل الحصول على أكبر عدد من النصارى الذين يتم تنظيمهم وتمويلهم بناء على مخطط دولي يستهدف تنصير الشعوب الإسلامية.
ففي نواحي المدينة الحمراء,تنتعش الكنيسة بأنشطتها الإنسانية,لاستقطاب المريدين الجدد,عبر الهدايا المتنوعة وغيرها من الأعمال,حيث تهدد أمن واستقرار الآلاف من ذوي القلوب الرهيفة,في حين يبقى دور السلطات المغربية رهين باحترام الأشخاص في اختيار معتقداتهم.
*المسيحية..وتغريب المواطنين*:
فعن طريق المراسلات مع بعض المؤسسات المسيحية بأوربا, حصلنا على مجموعة من الرسائل التبشيرية والكتب التي تؤكد المنهج السري لتنصير المغاربة عموما عبر مواقع الشبكة العنكبوتية وغيرها من كتب يتم إرسالها إلى أهالي مراكش مجانا من بينها مجلة ” المرأة الفاضلة” ومجلة ” كتابي” وكتاب” كنت أعمى والآن أبصر” الذي يتضمن قصص الشهادة والإختبارات لأناس وجدوا الحق والمعنى الحقيقي للسلام في شخص السيد المسيح حسب زعمهم ومجلة ” أسئلة هامة لحاضرك ومستقبلك” إضافة إلى مطبوعات,ناهيك عن مطبوعات بنكهة مغربية محضة تتبناها لوبيات المسيحية وذلك لتغريب الشباب وتيه إيمان الكثير منهم بأسطورة الأقاليم الثلاثة- الرب. الإبن . الروح- وهذه أبرز كتبهم:
الشاب المغربي .. نور حياتي
الشاب المغربي.. ماتقيش بلادي
فريق الترنيمة الجديدة … المغرب يسبح
انجيل المسيح كما كتبه لوقا بالدارجة المغربية
صالحة محبته ماتفناش
يا فرحة قلبي
وبالموازاة مع هذه الحملات التبشيرية هناك أيضا وسائل أخرى منها تنامي الأرقام الهاتفية المفتوحة في وجه كل المغاربة الراغبين في التنصير والغرف الحوارية المفتوحة كل يوم سبت على الانترنيت لجلب أكبر عدد من الزائرين,أما ما كشفت عنه بعض المراسلات من حديث الأصدقاء بإسبانيا ومدرسة الطريق والحياة بفرنسا هو أن هؤلاء المبشرين برعوا باسم المسيحية في تضليل وتغريب الكثير من الشباب باستمالة قلوبهم الضعيفة وترويج ثقافة الخطيئة والغفران والصليب من أجل السلام وإغرائهم بحياة أفضل وتقديم حلول إعجازية لمشاكل حياتهم اليومية.