الهاشتاج الشعبي الذي أحرج الحكومة المغربية ، والذي قد يسقطها
بقلم : عبد الحكيم البقريني .
ما زال الهاشتاج الشعبي يواصل ارتفاعه باقترابه من مليوني وسمة ، وهو بذلك يأخذ منعطفا آخر ، خاصة بعدما أحرج الطاقم الحكومي ، وجعل بعض الوزراء يتخبطون خبط عشواء .
أولى هذه الخرجات المهزلة ، ما ادعته الأطراف الحكومية ، حينما تحججت واستعانت بمعطيات خبير دولي سرعان ما تبرأ مما نسب إليه ، وبذلك نالت الحكومة الصفعة الأولى ، ولتجاوز المأزق لجأت لوكالة المغرب العربي للأنباء ، الوكالة الرسمية للبلد ، والتي من وظائفها الأساسية : توثيق الأنشطة دون الخوض في إعطاء الرأي والتبريرات ، وهو الخطأ الجسيم الذي سقطت فيه الوكالة عن قصد ، أو دونه ، تلك ما ستكشفه الأيام .
الهاشتاج عرى عن حوانب من التحالف الحكومي الهش ، فالوزيرة المكلفة بالطاقة تناقضت في أقوالها بين عشية وضحاها ، فببرنامج تلفزي أعلنت ألا حاجة للبلد بمحطة تكرير البترول ، لتنفي قولها تحت قبة البرلمان ، أما الناطق الرسمي باسم الحكومة فقد اختلطت عليه الاملاءات فمرة أرجع ارتفاع ثمن المحروقات للحرب الروسية الأوكرانية ، وأخرى لارتفاع سعر البرميل عالميا ، وبتراجع سعر البترول ، أرجع الأمر للمخزون الذي تم شراؤه خلال ذروة الارتفاع ، ومرة أخرى لارتفاع سعر الدولار ، وقد يطالعنا غدا بمبررات أخرى كحرائق الشمال ، أو ارتفاع درجة الحرارة …
الهاشتاج الشعبي أخرج بعض سياسي الحزب القائد للحكومة عن جادة الصواب ، فهذا الرجل الثالث في هرم السلطة ، السيد الطالبي العلمي رئيس البرلمان يصف مروجي الهاشتاج بالمرضى ، بعدما كان قد قيل عنهم أصحاب حسابات وهمية ، وآخر عن نفس الحزب صرح بأن أصحاب الهاشتاج يخدمون أجندات خارجية …
إن مطالب الشعب واضحة ، تخفيض الأسعار ، أو تبرير هذه الزيادة بطرق عقلانية ، وبحجج معقولة ، مطالب الشعب مشروعة وهي أن تتدخل الحكومة للتخفيف من عبء الأزمة على غرار ما فعلته جل الحكومات العالمية . مطالب الشعب مشروعة ، تريد القطع مع الاحتكار ، والربح عن المشروع .
لقد مارست الحكومة الحالية التحكم في أبشع صوره ، تحكم إعلامي ، وتكبيل للعمل النقابي ، وإضعاف للمعارضة السياسية . ومما يثير استغرابنا الصمت والانقلاب الكامل لحليفي الحزب القائد للحكومة . فنزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال ، كان قد صرح أثناء الحملة الانتخابية أن حزبه سيعمل على تسقيف أسعار المحروقات ، أما عبد اللطيف وهبي عن حزب الأصالة والمعاصرة فقد أقسم ألا يسامح عزيز أخنوش على 17 مليار التي أثبت في حقه .. فما سر هذا الانقلاب ، والتراجع عن الموقف .. إنه يبرر بمبرر واحد وهو التحكم .
ويبقى الفيصل الوحيد ، وهو التحكيم الملكي ، ولعل الحكومة المغربية لم تراع مرض الملك ، شافاه الله ، فدخلت في مواجهة وشد الحبل مع شعب يريد المعلومة الصحيحة ، والتي يضمنها الدستور . إن الحكومة المغربية تريد اللعب بالنار ، فعوض أن تراعي مرض الملك ، ورحلته العلاجية ، وتتجاوب مع مطالب الشعب ، نراها تنهج سياسة الآذان الصماء ، وطرق التمويه .. ولعل ذلك يعزى لرغبة السيد رئيس الحكومة في إعادة التغبية للمغاغبة .