فن وثقافية

مزج الطقطوقة الجبلية بالأندلسية يثير الجدل في مهرجان تاونات

قلم: عبد الحكيم البقريني

لم يكن من المنتظر أن يتحول مهرجان محلي إلى ساحة جدل ثقافي وفني، بعدما اختار المنظمون هذا العام مزج الطقطوقة الجبلية، الأصيلة في جبال الريف المغربي، بمثيلتها الأندلسية ذات الجذور الحضارية العريقة. وبينما رأى البعض في هذا المزج محاولة “تجديد” و”ابتكار”، لم يتردد كثيرون في اعتباره خلطا غير محسوب العواقب، يهدد بطمس هوية فنية ضاربة في عمق المنطقة.

الطقطوقة الجبلية، كما يعرفها أهالي تاونات والمناطق المجاورة، ليست مجرد نغم أو إيقاع، بل هي امتداد للذاكرة الشعبية، تحكي عن الأرض، والمواسم، والحب، والحنين. أما الطقطوقة الأندلسية، فرغم ما تحمله من رقي وأصالة، فهي تنتمي إلى سياق حضاري مختلف، له مقاماته، وإيقاعاته، وبيئته الفنية.

ما حدث في إحدى سهرات المهرجان من تقديم “وصلة هجينة” جمعت بين العيطة الجبلية ومقامات أندلسية بطريقة مرتجلة، أثار حفيظة عدد من الفنانين المحليين والمهتمين بالشأن الثقافي. فقد بدا الأداء كما لو أنه “تجريب مرتجل”، يفتقر إلى الدراسة والتأصيل، وربما يُفهم ضمنا كنوع من التبخيس لقيمة التراث المحلي.

وحسب ما استطلعته الجريدة فإن: “الطقطوقة الجبلية ليست مجرد نغمة تُدخل في قالب آخر كيفما اتفق. إنها ذاكرة صوتية، ومزجها بالطرب الأندلسي دون فهم عميق لكليهما هو عبث فني لا أكثر.”

ويتساءل متابعون: لمصلحة من هذا الخلط؟ هل هو ضغط من أجل إرضاء أذواق سياحية عابرة، أم أنه جهل بحقيقة التراث المحلي؟ ولماذا لا يكون التجديد داخل الإطار نفسه، بالاجتهاد في تطوير الطقطوقة الجبلية بما يحافظ على روحها وجذورها؟

إن المهرجانات الثقافية مدعوة لأن تكون فضاءً للاحتفاء بالهوية، لا حقل تجارب عشوائية. وإذا كان لا بد من التلاقح بين الألوان الموسيقية، فليكن على أساس الدراسة، والإبداع المؤصل، لا الخلط العشوائي الذي يُفرغ الفن من مضمونه، ويُفقد الجمهور ثقته في هذه الفعاليات.

ففي الوقت الذي تُبذل فيه جهود وطنية للحفاظ على التراث اللامادي، يبدو أن بعض المهرجانات لا تزال تُفرّط في هذا التراث باسم “الحداثة الفنية”، بينما المطلوب هو احترام خصوصية كل فن، والحفاظ على أصالته، حتى لا نجد أنفسنا بعد سنوات أمام فنون هجينة لا تشبهنا، ولا تُشبه من سبقونا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى