تاونات: الإقليم الذي يصرخ وسط صمت ممثليه!

بقلم: عبد الحكيم البقريني
بين جبال ووديان، تعيش تاونات على وقع أزمات متراكمة، وكأنها خارج أجندة من يمثلونها سياسيا. هنا، الطرق تنهار مع أول المطر، والماء الشروب يصبح حلما، والمدارس والمستشفيات تترنح بين النقص والإهمال، بينما يضطر شبابها لحمل حقائب الهجرة بحثا عن حياة كريمة. فإلى متى يظل الإقليم في قائمة الانتظار؟
رغم ما تزخر به من مؤهلات طبيعية وبشرية، ما تزال تاونات تعيش على وقع أزمات متشابكة تمس مختلف جوانب الحياة اليومية للسكان، في ظل عجز سياسي واضح عن الترافع الجاد عن قضايا الإقليم أمام الجهات المعنية. هذا الغياب الفعّال في الدفاع عن مصالح المنطقة جعلها تواجه مشاكل مزمنة تُهدد استقرارها الاجتماعي والاقتصادي.
بنية تحتية هشة… وطرق محفوفة بالمخاطر، إذ لا يزال سكان القرى والمراكز يعانون من ضعف البنية الطرقية، حيث تنتشر مسالك متهالكة لا تصمد أمام أولى زخات المطر، مما يعزل العديد من الدواوير ويصعّب حركة النقل والتنقل. الوضع نفسه يطال البنية التحتية الأساسية، إذ تغيب مشاريع التأهيل والصيانة الدورية.
المفارقة المؤلمة أن إقليما يمر به أحد أهم الأنهار الوطنية، يعاني فيه السكان من صعوبة الحصول على ماء الشرب، بسبب ضعف الشبكات وقلة الصيانة، ما يضطر الكثيرين للاعتماد على مصادر غير مأمونة.
في دواوير وقرى الإقليم، تنتصب أعمدة كهربائية متآكلة، وبعضها متساقط، فيما تتدلى الأسلاك على مقربة من رؤوس الناس، في مشهد يختصر الإهمال وغياب تدخلات عاجلة لحماية الأرواح.
القطاعان التعليمي والصحي يعيشان وضعا مقلقا ، فمدارس عديدة تفتقر إلى أبسط شروط التعليم الجيد، من حجرات آيلة للسقوط إلى نقص في التجهيزات. أما المستشفيات والمستوصفات، فإما أن تشتغل بوسائل بدائية أو تظل مغلقة لغياب الأطر الطبية والمعدات، ما يدفع المرضى إلى قطع مسافات طويلة للعلاج في مدن أخرى.
غياب بنية اقتصادية متينة، وندرة المصانع والمعامل، جعل الإقليم عاجزا عن خلق فرص عمل حقيقية، مما زاد من معدلات البطالة والفقر، ودفع بالكثير من الشباب والأسر إلى الهجرة نحو المدن الكبرى أو خارج البلاد، ليتحوّل الإقليم إلى منطقة طاردة لسكانه.
إن الحاجة إلى إرادة سياسية
كل هذه الأزمات ليست قدرا محتوما، لكنها نتيجة مباشرة لغياب ترافع سياسي قوي ومخطط تنموي شامل، يعيد لتاونات مكانتها ويوقف نزيف الهجرة، عبر تحسين البنية التحتية، وضمان الخدمات الأساسية، واستثمار مواردها في مشاريع اقتصادية مستدامة.