بقلم عاهد ازحيمي
غريب ما يحدث لهذه القرية لا أدري هل هو نحس أصاب البلاد والعباد أم القدر قدرَ على قطارها التنموي أن يبقى متوقفا إلى الأبد. لاشيء يبدأ ويكتمل في بني وليد، كل المشاريع التي انتظرتها الساكنة منذ عقود وسعدت بخبر انطلاقها صارت شبه متوقفة أو معطلة بشكل تام، فأصاب الإحباط الجميع، ولم يعد أحد ينتظر أن تقوم قائمة للبلاد، بل معظم الساكنة اقتنعت بأن بني وليد صارت بمثابة مقبرة للمشاريع، وأن لا شيء يكتمل في هذه الأرض غير السعيدة.
تعثر مشروع تأهيل المركز
بعد عقود من الانتظار، وسنوات من التعثر الإداري الناجم عن البلوكاج الحكومي، انطلق في مطلع سنة 2021 مشروع تأهيل مركز بني وليد، لكن بمجرد ما بدأت المقاولة أشغالها حتى طفت مشاكل تقنية وإدارية أخرى عديدة أدت إلى توقف الأشغال لأشهر عديدة وتركت القرية مخربة تغزوها الحفر والمجاري في كل مكان، جعلت الساكنة تعاني معها في الشتاء والصيف، ورغم عودة المقاولة لمتابعة الأشغال إلا أنها أخذت تسير بشكل بطيء ومتعثر، والتراجع عن إنجاز الكثير من الشوارع الأساسية وكذلك الحدائق والإنارة العمومية للمركز ومازال الوضع على حاله إلى اليوم ولا أحد يعرف مصير هذا المشروع الضخم الذي كلف مزانية الدولة ملايين الدراهم ….
الماء الصالح للشرب
انتظرت ساكنة بني وليد لعقود ربطها بمياه سد بهودة المعالج بدل مياه عين الما البارد المليء بالكلكير والكثير الملوحة، لكن بمجرد ما انطلقت الأشغال حتى تعثرت لسنوات، ولولا المجهودات الترقيعية للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب لبقيت ساكنة المركز تموت عطشا، حيث مازال هذا المشروع لم يسلم بشكل نهائي ويمكن أن يتم قطعه في أي وقت….
وإذا كانت ساكنة مركز بني وليد تجاوزت مشكلة الماء الصالح للشرب بشكل نسبي، فساكنة الدواوير مازالت تقطع عشرات الكيلومترات على الدواب للبحث عن قطرة ماء، حيث أن مشروع السبالات ما زال لم يكتمل بعد وخاصة في الجبل، لتعثره هو الآخر، وحتى الدواوير التي تم ربطها بالماء الصالح للشرب تشتريه ب 15 درهم للمتر مكعب بينما ثمنه الحقيقي لا يتجاوز درهمين ونصف …
المخيم ومشاريع رياضية أخرى
اعتقدت الساكنة أن مخيم بني وليد سيساهم في تحريك الاقتصاد المحلي والتعريف بقرية بني وليد وطنيا ودوليا، غير أن هذا المخيم دخل في عملية إعادة الترميم غير المنتهية حيث بدأت الأشغال به منذ أزيد من أربع سنوات ولم تنته بعد، وهو حال العديد من مشاريع وزارة الشباب والرياضة التي تم تشيدها بالجردة ومازالت متعثرة مثل: ملعب التنس ودار الضيافة وملاعب القرب ومشاريع أخرى لا أحد يعرف هويتها ولا مصيرها ….
المسبح الجماعي
كان المسبح الجماعي هو نقطة الضوء الوحيدة في هذه القرية، والذي أعطى إشعاعا مهما لبني وليد في السنوات الأخيرة، وساهم في ترويج الاقتصاد وتنشيط حركة النقل، لكن للأسف هذه السنة هو الآخر أصابته اللعنة وتم تعطيله بسبب سوء التدبير وضعف الكفاءة الإدارية
دار الطالب
منذ سنتين أو أكثر والأباء ينتظرون بفارغ الصبر افتتاح دار الطالب ببني وليد، التي دخلت في دوامة إعادة التأهيل، وهو ما ساهم بشكل كبير في الهدر المدرسي في صفوف التلاميذ بسبب البعد عن مؤسساتهم التعليمية، وتتراجع مستوى آخرين بشكل خطير، ومازالت هذه المؤسسة لحدود الساعة لم تسلم بشكل نهائي، ولم يتم تجهيزها بعد، ونأمل أن يتم ذلك في غضون الأسابيع القليلة القادمة حتى تكون جاهزة في بداية الموسم الدراسي…
طرقات مؤجلة
سمعت الساكنة بمشاريع أخرى كثيرة كتعبيد بعض المقاطع الطرقية مثل الطريق التي تربط بني وليد ببوردة عبر عين عبدون، والطريق التي تربط المركز بسيدي سوسان عبر الزيامة، والطريق التي تربط بوعادل بواد لوان. والمقطع الطرقي الذي يربط بني وليد بتازة عبر كاف الغار. لكن لا أحد صار يعرف شيئا عن هذه المشاريع المبرمجة، هل هي فقط وعود كاذبة انتهت بانتهاء الحملة الإنتخابية ولن تتجدد إلا في الانتخابات القادمة، ام مشاريع مبرمجة لم تجد من يدافع عن تسريع عملية إنجازها…
على سبيل الختم
كل هذا البؤس الذي يخيم على قرية بني وليد، وغيرها من القرى الأخرى بسبب تعطل المشاريع التنموية وتأخرها لسنوات، يجعلنا نفقد الثقة يوما بعد يوم في مؤسسات الدولة المتدخلة في الإشراف على هذه المشاريع، وما يزيد أسفنا أكثر هو أننا لا نرى حركة ولا نسمع حسا لمجلسنا الموقر، حيث لم يبد موقفا واضحا وصريحا اتجاه هذا التعثر الذي تعيشه القرية، فلا احتجاج ولا اعتراض ولا تصريح يطمئن الساكنة التي تمنت لبني وليد أن تستعيد ولو جزء من ماضيها الحضري المشرق الذي خلفه المستعمر،
لا ادري ما طبيعة النحس الذي أصاب بني وليد حتى حل بها كل هذا البؤس؟!