تدهور التعليم بالمغرب: من المسؤول ؟
بقلم: حسن الحاتمي
من المحزن والمثير للغضب أن يحتل المغرب المرتبة 154 عالميا في جودة التعليم، بينما نجد أن دولا عربية شقيقة مثل قطر والإمارات تحتلان مراكز مرموقة عالميا، حيث جاءت قطر في المركز الرابع والإمارات في المركز العاشر. المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه الدول تعتمد بشكل كبير على الأطر التدريسية المغربية، مما يطرح سؤالاً جوهريًا: لماذا هذه الفجوة الكبيرة بين أداء المدرسين المغاربة في الخارج ومستوى التعليم في وطنهم؟
لقد أصبح واضحًا أن هناك خللاً هيكليًا عميقًا في منظومة التعليم المغربية، يتطلب تحليلًا دقيقًا للمسؤوليات وتحديد الأطراف المتسببة في هذا التدهور المستمر. هل فشل حكومة عزيز أخنوش الحالية هو السبب الوحيد؟ أم أن هذا الفشل هو نتيجة تراكمات أخطاء الحكومات السابقة، وغياب رؤية استراتيجية للنهوض بقطاع التعليم؟
الجواب لا يكمن في جهة واحدة، بل هو مسؤولية مشتركة تشمل:
1. الحكومة ووزارة التربية الوطنية: السياسات التعليمية المتبعة، بما في ذلك غياب التخطيط الجيد، عدم الاهتمام بالتكوين المستمر للمدرسين، والنقص الحاد في الموارد، تُظهر مدى ضعف الأداء الحكومي في توفير بيئة تعليمية لائقة للمتعلمين. في المقابل، نجد أن المدرسين المغاربة في قطر والإمارات يشتغلون في بيئة تعليمية متكاملة، تدعمهم بالأدوات اللازمة والمناهج المتطورة، مما ينعكس إيجابيًا على أدائهم.
2. الأساتذة والتأطير التربوي: لا يمكن إنكار أن جزءًا من المسؤولية يقع على عاتق الأساتذة الذين، بالرغم من خبراتهم الكبيرة، قد يعانون من ضعف الدافعية، أو القصور في استخدام الأساليب التربوية الحديثة، نتيجة انعدام التكوين المستمر والدعم اللازم. هذا الوضع يختلف كليًا في الدول التي يُعتبر فيها المدرس المغربي من أفضل الأطر التدريسية.
3. أولياء الأمور والمجتمع: يلعب أولياء الأمور دورًا مهمًا في دعم أبنائهم وتحفيزهم على التعلم. ولكن، في ظل تردي الوضع المعيشي لكثير من الأسر المغربية، وانشغال الآباء بتوفير لقمة العيش، تتضاءل القدرة على المتابعة والمساهمة في مسار أبنائهم التعليمي.
4. النظام التعليمي ككل: يعتمد التعليم في المغرب على مناهج تقليدية، غير قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل المتطورة، مما يُنتج جيلًا من الخريجين الذين يفتقرون للمهارات الضرورية، في حين أن نفس المدرسين عندما يعملون في بيئات تعليمية أخرى، يجدون أنفسهم في نظام متكامل يدفعهم نحو التميز والإبداع.
كل هذه العوامل تجعل من الضروري على الحكومة المغربية الحالية، بقيادة عزيز أخنوش، وضع التعليم كأولوية قصوى في برامجها، وإطلاق إصلاحات جذرية تعالج كل أوجه القصور، من تطوير المناهج، وتحسين ظروف العمل للأطر التربوية، إلى خلق بيئة تعليمية محفزة تُعيد الثقة في المدرسة المغربية.
إننا في المغرب نملك من الكفاءات والموارد البشرية ما يؤهلنا لنكون في مصاف الدول المتقدمة في التعليم، ولكن يبقى غياب الإرادة السياسية الحقيقية والفساد الإداري والتسيير العشوائي للقطاع أكبر عائق يحول دون تحقيق ذلك. وعليه، يجب مساءلة كل المتسببين في هذه الكارثة التعليمية التي تعصف بالأجيال الصاعدة، ومحاسبة كل من استغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية على حساب مصلحة الوطن.
ما يجري في قطاع التعليم المغربي اليوم هو نتيجة فشل جماعي تتحمل مسؤوليته الحكومة الحالية و الحكومات المتعاقبة، وزارة التربية الوطنية، وبعض أولياء الأمور. وإذا استمر هذا الوضع دون محاسبة ومساءلة، فستظل المرتبة 154 وصمة عار تُلحق الأذى بالمجتمع ومستقبل أبنائنا، وسيبقى المدرسون المغاربة مصدر فخر للدول الأخرى، وعارًا على نظام تعليمي فاشل في وطنهم.
إن الوضع يحتاج إلى تدخل عاجل لإعادة بناء منظومة التعليم على أسس متينة، تُعلي من شأن المدرس المغربي، وتضع حدًا لهذا التناقض الذي يجعل من المدرسين ا]%لمغاربة سفراء للتميز في الخارج، وسجناء _.،.للفشل في الداخل.^