اقتصاد وسياسة

تصريحات السياسيين المغاربة: بين حرية التعبير وحدود الخطاب السياسي

بقلم: عبد الحكيم البقريني

أصبح الخطاب السياسي في المغرب محطّ انتقاد واسع من قبل المتابعين والمهتمين بالشأن العام، خاصة بعد سلسلة من التصريحات التي وُصفت بـ “غير اللائقة” والتي صدرت عن بعض من كبار الفاعلين السياسيين، كان آخرها ما عرف بتصريحات عبد الإله بنكيران، وقبله عبد اللطيف وهبي، وقبلهما رشيد الطالبي العلمي، والتي أثارت جدلا واسعا بين النخب والمواطنين على حد سواء. فبين (حمير) بنكيران، و (كلاب) وهبي، و (ذئب شارف) الطالبي، اختلط الحابل بالنابل في ساحة سياسية كان من الأجدر أن تكون ملتقى لتدافع الأفكار والرؤى بدل المصارعة والمطاردة الحيوانية.

عاد رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران إلى الواجهة بتصريحات استخدم فيها مصطلحات مثيرة للجدل من قبيل “الحمير”، في سياق انتقاده لخصومه السياسيين. تصريحات بنكيران لم تكن الأولى من نوعها، لكنها أعادت طرح السؤال حول ما إذا كان الزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية يستثمر مثل اللغة لاستمالة الشارع، أم أن الأمر يعكس انزلاقا في المعجم السياسي المغربي.

لم يكن وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي، أقل إثارة للجدل، فقد جاء على لسانه لفظ “كلاب” في معرض دفاعه عن نفسه ضد الانتقادات التي توجه إليه، معتبرا أنه يتعرض لـ “نباح الكلاب”، وهو تعبير يستعمل مستفزا عندما يصدر عن مسؤول حكومي يفترض فيه أن يكون قدوة في الخطاب والتهذيب السياسي.

أما رشيد الطالبي العلمي، القيادي البارز في حزب التجمع الوطني للأحرار، فقد دخل بدوره دائرة الجدل إثر تصريحات وصفت بأنها تهكمية ومباشرة تجاه خصومه، حينما وصف غريمه ب (الذئب الشارف) مما أثار تساؤلات حول غياب الرصانة.

أمام هذا الواقع، يجد المواطن المغربي نفسه في حيرة، بين ضحك مُرّ على تصريحات تهكمية لا تليق بمسؤولين يفترض فيهم احترام المؤسسات، وغضب مكتوم من تدنّي مستوى الخطاب العمومي في بلد يتطلع إلى تعزيز الديمقراطية والاحترام المتبادل.

إن تكرار هذه التصريحات يدق ناقوس الخطر بشأن هشاشة الثقافة السياسية في المغرب، ويدعو إلى التفكير الجاد في وضع ميثاق أخلاقي للخطاب السياسي، يضبط حدود التعبير دون أن يمس بحرية الرأي. فرُقيّ الأمم لا يقاس فقط ببرامجها السياسية، بل أيضا بلغة قادتها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى