حقيقة أن ما يجري في قضايا العقار بالمغرب، وظاهرة تنامي المشاكل العقارية في المحاكم المغربية والإدارات العمومية والمؤسسات الوطنية المختصة، اصبح يثير القلاقل ويرهق الملاكين وذوي الحقوق، فلا يخلو يوما أو تمر ساعة إلا وتسجل حالة من جالات الاعتداءات على أملاك الغير، أو محاولة السطو على حقوق الناس، أو الانقضاض بشتى الوسائل المشروعة والغير المشروعة على الأملاك العقارية سواء الخاصة أو العمومية. فتارة يكون بطلها لوبيات مختصة في التزوير والنصب والاحتيال، وتارة يكون بعض المسؤولين بالمؤسسات المختصة، المفترض فيها حماية أملاك الغير، متورطين في هذا النوع من الجرائم. وفي بعض الحالات يكون فيها الجهل بالقانون أو التماطل في تنفيذ المساطر الإدارية مبعثا لمشاكل كثيرة ونزاعات متعددة، تسهم في تكدس رفوف وطاولات المحاكم المغربية.ونقف اليوم على ملف آخر من هذه النزاعات العقارية، حيث اشترى السيد (ب. ح) على الشياع قطعة أرضية رقم 17، تبلغ مساحتها 2000 م2، التابعة للقطعة الأرضية رقم 28 من الرسم عدد 1679/س، الكائنة بتراب جماعة دار بوعزة. إلا أنه لم يستطع التصرف بقطعته الأرضية، بسبب التماطل في تنفيذ مقتضيات ظهير 2 مارس 1973، وما يرتبط به من مساطر قانونية مختصة بأملاك الدولة، التابعة لوزارة المالية.
ذلك أن السيد (ب.ح)، امتلك هذه البقعة الأرضية المومأ إليها أعلاه لأكثر من 40 سنة، تقع ضمن مجموع القطعة الأرضية رقم 28 من الرسم عدد 1679/س الموزعة على الشياع، والتي تم شراءها من أصحابها وفق العقود والمساطر الجاري بها العمل. إلا أن إحدى السيدات تدعي امتلاكها لإحدى القطع من هذه الأراضي المعنية، حاولت افتعال نزاعات مع بعض الملاكين على الشياع، ومنهم السيد (ب . ح)، حيث عملت هذه السيدة (ب.ب) على عرقلة تنفيذ المساطر المتعلقة بالمديرية الجهوية لأملاك الدولة بالدار البيضاء، مندوبية النواصر مديونة.
وفي إطار مقتضى رسالة السيد الوزير الأول عدد 449 بتاريخ 18/ 04/ 1994، وتبعا للبرقية العمالية عدد 7967 بتاريخ 07 دجنبر 2020، عقدت اللجنة الإقليمية المكلفة بتسوية النزاعات الناتجة عن تطبيق ظهير 02 مارس 1973، اجتماعها تحت رئاسة السيد قائد الملحقة الإدارية دار بوعزة، يوم 09 دجنبر 2020. بمقر الملحق الإدارية. بحضور كافة أعضاء اللجنة المعنية. وذلك قصد الوقوف على ما ادعته السيدة (ب.ب) وتسوية النزاع المفتعل من طرفها.
وبعد دراسة الملفات طالبت اللجنة برئاسة القائد، السيدة (ب.ب) بالإدلاء بالعقود الأصلية للقطعة الأرضية التي تدعي أنها في ملكيتها، فرفضت الامتثال لطلبه، وامتنعت عن تسليم وثائق العقود للجنة. فقررت هذه الأخيرة إرجاء البث في النزاع إلى حين الإدلاء بالعقود الأصلية.
ولم تكتفي السيدة (ب.ب) بمناوراتها لتعطيل مسار تنفيذ مساطر مديرية أملاك الدولة لفض نزاع الشياع، بل امتدت شرارة اعتداءاتها على أملاك الغير إلى تحريض إحدى زميلاتها السيدة (ث.و)، التي اقتحمت أرض السيد (ب.ح). فطفقت تقتلع الأشجار، وتنتزع الأحجار، وتعبث بالتربة والنبات. وذلك في تحد سافر منهما وظلم جائر في حق صاحب الأرض، وكأن البلاد (فيها السيبة). مما اضطر معها السيد (ب.ح) إلى رفع شكاية ضد السيدتين معا، إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الجزرية بالدار البيضاء. وفق للفصل 599 من القانون الجنائي.
ويبدو أن السيدة (ب.ب) من خلال هذه الممارسات العدائية، تسعى من جهة إلى التشويش على مسار تطبيق مقتضيات مساطر مديرية أملاك الدولة بالدار البيضاء، مندوبية النواصر مديونة. ومن جهة أخرى، محاولة الالتفاف على أرض السيد (ب.ح) وممارسة الضغط عليه، لمنعه من استخلاص حقوقه المشروعة على أرضه.
لكن السؤال المطروح من خلال هذه النازلة العقارية التي سقناها كمثال لمعاناة السيد (ب.ح)، هو : من المسؤول عن تفاقم هذه النزاعات العقارية والمشاكل المرتبطة بالأملاك الخاصة أو المشاعة؟ ألا يعتبر تماطل الإدارات المختصة في هذا الشأن سبابا رئيسيا في تنامي مشاكل العقار المعروضة على محاكم المغرب؟ لماذا تسمح الجهات المعنية بهذه السلوكيات الصادرة عن أمثال هذه السيدة، المتسببة بتشويش وعرقلة تنفيذ القوانين الجاري بها العمل، لتأمين حقوق الناس وحماية أملاك الغير؟
في انتظار الوصول إلى أجوبة حول التساؤلات، ستكون لنا عودة في الموضوع، وتتبع مستمر لتسليط الضوء على مثل هذه القضايا التي أصبحت تؤرق الرأـي العام وذوي الحقوق ، والدولة والمواطن المغربي