أخبار عامة

جيل “التفاهة” الخطر القادم 

بقلم: عبد الحكيم البقريني

في عصر تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدر فيه مقاطع الرقص والجدل والثرثرة التافهة قوائم المشاهدات، يُطرح سؤال جاد: هل أصبح الجيل الحالي يميل إلى التفاهة؟ ولماذا يزداد العزوف عن الدراسة والتحصيل العلمي، في مقابل اللهاث وراء الشهرة السهلة والمحتوى السطحي؟

يصف كثيرون من الكبار هذا الجيل بأنه “جيل التافهين”، يتابع المؤثرين السطحيين، ويُعجب بمقاطع الشغب، ويستثقل القراءة والبحث والمعرفة. وقد يُقال إن هذا حكم قاسٍ، لكنه مدعوم بتغيرات واقعية نراها في المدارس، والجامعات، وحتى في سوق العمل. فمن منا لم يلاحظ ذلك الطالب الذي يتعامل مع دراسته وكأنها عبء، أو ذلك الشاب الذي يفضل تقليد “الترند” بدلاً من تطوير مهاراته؟

لكن قبل أن نرفع سيف الاتهام، علينا أن نسأل: من المسؤول؟ إن المجتمع بأسره يتحمل جزءًا من المسؤولية. فالثقافة السائدة اليوم تمجد الشهرة السريعة، وتمنح التافهين ملايين المتابعين، بينما لا يُحتفى بالمبدعين والعلماء والمجتهدين. كما أن المدارس، في كثير من الأحيان، تقدم تعليماً جافاً بعيداً عن واقع الشباب، لا يرتبط بطموحاتهم ولا يلبي احتياجاتهم النفسية والمعرفية.

كما لا يمكن تجاهل غياب القدوة الجادة، وظهور نماذج “مشاهير” لا يقدمون قيمة حقيقية، بل يعززون ثقافة الاستهلاك والسطحية. وهنا يكمن التحدي: كيف نعيد توجيه الجيل نحو القيم الحقيقية، دون تحقيره أو وصمه بالفشل؟

الحل لا يكمن في التذمر، بل في الفعل. نحتاج إلى إعلام واعٍ يعيد بناء الذوق العام، وتعليم عصري يُحفز الإبداع، ومؤسسات ترعى المواهب وتصقل الشخصيات. نحتاج إلى تربية تستوعب الجيل لا تحتقره، وتُصغي إليه لا تُقصيه.

نعم، هناك ميل إلى التفاهة، لكن هناك أيضًا جيل ذكي، مبدع، متعطش لمن يمنحه فرصة ليفجّر طاقاته في الاتجاه الصحيح. فهل نكتفي باللوم؟ أم نبدأ التغيير؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى