بقلم : عبد الجكيم البقريني
في مشهد مبك دما طالعتنا الوسائط الاجتماعية بعراك خلال حفل البولفار ( حتى تسمية المهرجان مخالفة للغة الدستور ) ، أقل ما يمكن أن يوصف به : الهمجية الأولى ، أو ما قبل القيم الإنسانية والكونية النبيلة . وقبله بقليل طالعنا علنا جاهر بتعاطيه للمخدرات .. طوطو وقد زاغ عن السكة الحقيقية للفن ، باعتباره رسالة نبيلة مهذبة للسلوك ، وباذرة للراحة النفسية ..
محزن جدا ، ما نراه اليوم من تفاهة وسفه ، وضرب للقدوة الحسنة ، وللشخصية المغربية المفعمة بالتمغربيت ، شخصية مناضلة ، رافضة ، مجادلة ، ناقدة بالحجة … أبطوطو وأمثاله نبني إنسانا مغربيا جديدا يجابه المد الحضاري ؟ سؤال وغيره كثير نوجهه لحكومتنا الداعمة لطوطو والمشيدة بجيل الضباع .
رحم الله محمد جسوس الذي تنبأ بجيل الضباع ، حينما غيّبت الحكومات الرؤية الواضحة المتعلقة بالشباب ، والتنشئة القائمة على الديمقراطية ، والرعاية الاجتماعية ، وأهمية الاستثمار في البشر قبل الحجر ، وهي الصرخة التي أطلقها المفكر الدكتور المهدي المنجرة . وها نحن نجني الآن ثمار تجاهل نداءات المفكرين الغيورين المحبين للبلاد وللعباد . مراتب متدنة في التعليم ، منظومة صحية مهترئة ، إدارات بجودة مبطنة … أبهذه الصور سنلتحق بالركب الحضاري ؟ ما أعتقد .. ربما سنبقى على هامش الحياة .
لم تتفاعل الحكومة مع تصريحات طوطو وقد أعلن تعاطيه للمخدرات ، وقد مرر رسائل سامة للشباب واليافعين ، لم تتحرك النيابة العامة أمام واقعة السكر العلني . هل هو إعلان عن التطبيع مع السكر العلني ؟ أم الأمر متعلق بحريات فردية ، وأن الحكومة لا يمكنها أن تمارس الرقابة على الفنانين كما صرح مسؤول حكومي . لكن الأمر لا يستقيم ، إذ لا يمكنها أن تمارس الرقابة على أعماله الفنية ، إيقاعته الموسيقية ، ربما كلمات أغانيه ، لكن حينما يتعلق الأمر بكلام خادش للحياء من أعلى المنصة ، وسلوكات وتصرفات يجرمها القانون المغربي ، فذاك يدخل في إطار ما يمكن أن نسميه الدعم الحكومي لطوطو ومساندتها لجيل الضباع .
إننا بقاع القاع ، وأسفل السافلين في مختلف المجالات ، فرأفة بأطفالنا ، وبشبابنا ، وبشاباتنا .. لقد حان الوقت قبل أي وقت مضى أن نقف وقفة القطيعة مع كل ما هو مشين ، ويسيء للهوية المغربية ، وللتمغربيت .. لقد حان الوقت أن نبني الإنسان قبل البنيان ، أن نقطع مع جيل الضباع والضياع . فالأمانة جليلة ، والتاريخ لا يرحم . فلتكن الحكومة المقبلة بحجم المسؤولية التاريخية ، ولتعلن سياسة قادرة على إخراج المغربي والمغربية من بوثقة احتراقه ، والتي تأججت مع الحكومة الحالية الداعمة لطوطو ولجيل الضباع .