أخبار جهوية

تاونات: مفارقة العطش في أرض السدود: ساكنة بين الوعود الجوفاء وواقع العطش المر

بقلم: عبد الحكيم البقريني

رغم أن إقليم تاونات يعد من أغنى الأقاليم المغربية من حيث الموارد المائية، إذ يزخر بعدد من الأنهار والسدود الكبرى كسد الوحدة وسد بوهودة وسد الساهلة، إلا أن ساكنته تعيش مفارقة صادمة تتجلى في معاناة يومية من أجل الحصول على أبسط حقوقهم: الماء الصالح للشرب.

في مشهد مؤلم يختزل حجم المعاناة، تصطف مئات البراميل البلاستيكية على جنبات الطرق الجبلية في انتظار قطرة ماء قد تصل أو لا تصل. شباب، نساء، شيوخ وحتى أطفال، يقطعون الكيلومترات يوميا في تضاريس وعرة لجلب بضع لترات من الماء، في وقت يُفترض أن يكون الإقليم في غنى عن مثل هذه المآسي.

الصورة التي تتكرر في دواوير تاونات توثق واقعا أليما لا يمكن تجاهله، حيث تقف السلطات المحلية والمجالس المنتخبة موقف المتفرج، بل يبدو أن السياسيين قد أصيبوا بـ”العمى المائي”، عاجزين عن إدراك حجم المعاناة، أو ربما متناسين مسؤوليتهم أمام الساكنة التي منحتهم ثقتها ذات انتخابات.

المفارقة الصارخة أن مياه تاونات تروي مدنا أخرى عبر شبكة السدود الكبرى، بينما يبقى أبناء الإقليم عطشى. إنها عدالة مائية مفقودة في مغرب المفارقات. فكيف يعقل أن يعاني الناس العطش وسط أنهار وسدود عملاقة تكاد تغمر سهول المنطقة بالماء؟

ما يزيد من حدة الإحباط لدى الساكنة هو غياب أي بوادر لحلول مستدامة، فالوعود تتكرر كل موسم انتخابي، لكن الواقع يبقى على حاله، إن لم يزداد سوءا مع تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة.

إن ما تعانيه ساكنة تاونات اليوم ليس فقط عطشا للماء، بل عطشا للكرامة، للعدالة الاجتماعية، ولحكامة رشيدة تضع الإنسان في قلب الأولويات. فهل من آذان صاغية؟ وهل من إرادة سياسية حقيقية لوضع حد لهذه المأساة المستمرة؟

يبقى الأمل معلقا على وعي المواطن ونضاله السلمي المشروع من أجل المطالبة بحقه في الحياة، وحقه في الماء، الذي لم يعد ترفا، بل ضرورة لا تستقيم الحياة بدونها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى