أخبار عامة

سيدي بنور تختنق تحت وطأة التلوث والإقصاء.. هل تتحول التنمية إلى نقمة؟

تحوّلت مدينة سيدي بنور ومحيطها إلى بؤرة اختناق بيئي واجتماعي خطير، نتيجة ما بات يُوصف محليًا بـ”الإرهاب البيئي”، الناتج عن الأنشطة الصناعية لمعمل كوسومار الخاص بتصنيع الشمندر السكري. ففي الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن يكون هذا المشروع قاطرة للتنمية، أصبح مصدراً للمعاناة، ما دفع الجامعة الوطنية لجمعيات حماية البيئة إلى دق ناقوس الخطر، مطالبة بفتح تحقيق وطني شامل حول تداعيات هذا المشروع.

 

وقد قامت الجامعة بزيارة ميدانية للمنطقة، حيث وقفت على واقع بيئي صادم، من روائح خانقة ونفايات منتشرة، خاصة مع بداية موسم الإنتاج. الروائح الكريهة لا تفارق أجواء المدينة والدواوير المجاورة، في انتهاك صارخ للحقوق البيئية والصحية للمواطنين.

 

تحمّل الجامعة الشركة المسؤولية الكاملة عن الانبعاثات السامة والنفايات السائلة التي يتم تجميعها في حفرتين مكشوفتين على جنبات الطريق الوطنية رقم 7، مما يشكل دليلاً واضحاً على حجم التلوث وغياب أي مراقبة أو التزام بيئي.

 

ولم تقف الأضرار عند الجانب البيئي فقط، بل امتدت لتطال البنية التحتية المهترئة جراء حركة الشاحنات الثقيلة والجرارات التي تعبر المدينة دون أدنى احترام لشروط السلامة. في المقابل، يشعر شباب المنطقة بالتهميش، حيث تُمنح فرص العمل لشركات خارجية في خرق واضح لمبدأ الأولوية المحلية والعدالة الاجتماعية، رغم الأرباح الطائلة التي يدرها المعمل.

 

ورغم ترويج إدارة كوسومار لشعارات المسؤولية الاجتماعية، فإن الواقع الميداني يفنّد هذه الادعاءات، إذ لا أثر لأي مبادرات تنموية ملموسة، ولا دعم حقيقي للفئات المتضررة، خاصة من ذوي الأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، والحساسية، والربو، الذين يزداد وضعهم سوءًا بسبب الانبعاثات المستمرة.

 

وتتعرّض الدواوير المحاذية للمصنع لأكبر الأضرار، وسط غياب تام لأي تدخل إنساني أو صحي من طرف المؤسسة، ما يشكل خرقًا واضحًا لحق السكان في بيئة سليمة وحماية صحية.

 

وفي هذا السياق، تطالب الجامعة بوقف هذه الكارثة البيئية، داعية الجهات المعنية إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف، والاستجابة لنداءات سكان المدينة الذين يطالبون بحقهم في تنمية عادلة وهواء نقي، ووقف سياسة اللامبالاة التي حولت سيدي بنور إلى مستعمرة اقتصادية تُستغل بلا أدنى اعتبار لحقوق الإنسان.

 

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتحرك السلطات المعنية لحماية أرواح المواطنين؟ أم أن أرباح “السكر” ستظل أولوية تفوق قيمة الإنسان؟

 

تجدر الإشارة إلى أن الجامعة وعدت بالكشف لاحقًا عن تقارير موثقة بالصوت والصورة، تفضح حجم التجاوزات التي تُرتكب خلال موسم جني الشمندر، وتسليط الضوء على معاناة الفلاحين البسطاء، في مقابل الامتيازات الممنوحة لأشخاص محسوبين على جمعية الشمندر بدكالة، الذين يحتكرون المشهد منذ

أكثر من أربعة عقود.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى