أخبار جهوية

مجرد رأي..”واجبات الانسان على قياس حقوق الانسان!!

ذ.اسماعيل البحراوي

من الوعي الانساني ان يومن الفرد داخل مجتمعه بواجباته كما يومن بحدة بحقوقه..الا ان انانيته كفرد في غياب الوعي الجماعي بضرورة احترام الواجبات المنوطة به,وطغيان تفكيره البراغماتي بحقوقه,لم يعد المجتمع قادرعلى خلق توازن بين كل من الحق والواجب.

تمتع الفرد بحقوقه التي يكفلها له الدستور والقانون,تمتد الى التزامه بالواجبات التي تُلقى على عاتقه,مما يُسهم من قوة النسيج الاجتماعي ويضمن استدامة التعايش الاجتماعي, وغرس قيم حب الوطن,وتحمل والمسؤولية لصنع افراد قادرين على بناء الوطن.

ولبناء مواطن مسؤول,قادر على ادراك المسؤولية,لابد من تطويع مبادئه الاولية من داخل المؤسسات التعليمية,لتربيته على مبدأ المساواة بين الحقوق والواجبات,وعلى قيم الأمانة والاحترام,وليصبح إنسانًا نافعًا لوطنه وقادرًا على مواجهة تحديات الحياة بحكمة وإيجابية.

عندما يصبح التعليم أداة قوية لصنع أفراد ملتزمين قادرين على التمييز بين الحق والواجب,نكون قد صنعنا اجيالا مؤمنة بواجبها قبل حقوقها,مستحضرة العلاقة المتينة التي تجمع الحقوق بالواجبات ومامدى تلازمهما.

فالحق والواجب وجهان لعملة واحدة، فكل حق يقابله واجب، وكل واجب يقابله حق..ومن غير الممكن التمتع بالحقوق دون أداء الواجبات,لان المواطنة الصالحة تقتضي التوازن بين الحقوق والواجبات, كما تتطلب وعياً بحقوق الفرد وواجباته تجاه ربه,نفسه,وطنه ومجتمعه، والسعي لتحقيق هذا التوازن لتحقيق مجتمع متكامل ومزدهر.

فالحق في التعليم مثلا يقابله واجب الاجتهاد والمثابرة في الدراسة,الحق في العمل يقابله واجب الإخلاص والأداء الجيد في العمل, الحق في حرية التعبير يقابله واجب عدم استخدام هذه الحرية للإضرار بالآخرين.

فالتزام الفرد بالقانون واحترام النظام,يظهر احترامه للوطن,من خلال:

احترام إشارات المرور لتجنب الحوادث.

دفع الضرائب والمستحقات.

التعاون للحفاظ على الأمن والنظام.

المساهمة في الحفاظ على البيئة والمرافق العامة: –

رمي القمامة في الأماكن المخصصة لها.

المحافظة على نظافة الحدائق والشوارع.

ترشيد استهلاك الماء والكهرباء في المنازل والأماكن العامة .

هنا يُطرح في سياق الانطولوجية(1),هل العدالة تتأسس على أسبقية الحق على الواجب أم العكس؟

قد شكلت هذه الثنائية ,جدلا واسعا بين الفلاسفة, حيث يرى البعض أنه يجب تقديم الحقوق قبل المطالبة بالواجبات,بينما يرى البعض أنه لابد من أداء الواجبات ثم علينا المطالبة بالحقوق ،وأمام هذا الجدل وجب استحضار رأي الشرع الاسلامي,الذي يرى أن رعاية الحقوق تستلزم أداء الواجبات.

ومن ثمَّ نجد جميع الشرائع والتشريعات تطالب الإنسان بما يجب عليه من واجبات وتعدِه بأن ينال حقوقه كاملة غير منقوصة،القيام بالواجب هو الأساس لأخذ الحقوق,حسب ما جاء به القران العظيم:

إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) محمد:7 )

إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم) الرعد:11 )

فإذا كانت جمعيات الدفاع عن حقوق الانسان بالوطن العربي,تسعى إلى فرض سيطرتها على المشهد الحقوقي بالساحة,بمطالبة الرأي العام بممارسة كل الحقوق التي يراها ضرورة ملحة للعيش بكرامة,يجب عليها نفض الغبارعن أحقية الالتزام بواجبات كل فرد داخل اي تنظيم جماعي,حتى لا ننحاز إلى طرف دون الاخر,لان المطالبة بالحقوق في غياب الالتزام بالواجبات لن يخلق التوازن المطلوب للعيش الكريم في ظل الدولة المواطنة.

………………………………………….

(1)الأنطولوجيا : (Ontology)

هي فرع من فروع الفلسفة يبحث في طبيعة الوجود، ويدرس مفاهيم الوجود وأنواعه، وكيفية تصنيف الأشياء والكيانات المختلفة في العالم. يمكن أيضاً تعريفها بأنها دراسة المفاهيم والعلاقات بينها ضمن مجال معين. في سياق علم المعلومات، تعني الأنطولوجيا تمثيل المعرفة بطريقة منظمة ومفهومة للحاسوب، مما يتيح تبادل المعرفة بين البشر والآلات

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى