أخبار وطنية ودولية

معبر آمگالة: بوابة استراتيجية لتعزيز التعاون المغربي–الموريتاني

بقلم: سيداتي بيدا

تستعد منطقة الصحراء المغربية لحدث استراتيجي بالغ الدلالة مع اقتراب اكتمال معبر آمگالة، الذي سيربط مدينة السمارة المغربية بمنطقة بئر أم گرين الموريتانية، بعد معبر الگرگرات الحدودي. المشروع، الذي بلغت نسبة إنجازه 95%، يمثل أكثر من مجرد طريق عبور؛ إنه تعبير ملموس عن رؤية طويلة الأمد لتقوية العلاقات الثنائية، وتعزيز التكامل الإقليمي في منطقة غرب إفريقيا، وربط الاقتصاد الوطني المغربي بمحيطه الإفريقي بطريقة آمنة ومستدامة.

يمثل معبر آمگالة خطوة محورية في هندسة الاتصال الإقليمي، إذ يتيح انسياباً أفضل للسلع والخدمات، ويعزز سلاسل التوريد بين المغرب والدول الإفريقية الغربية، بما يسهم في تطوير الاقتصاد وخلق فرص استثمارية مشتركة. هذا البعد الاقتصادي لا يحده فقط الإسفلت والبنية التحتية، بل يمتد ليعكس التزام المغرب وموريتانيا بخلق آليات تعاون دائمة وفاعلة، في ظل التحولات الجيو–سياسية والاقتصادية التي تشهدها القارة.

إلى جانب البعد الاقتصادي، يحمل المعبر معانٍ تاريخية وإنسانية عميقة. فالروابط بين المغرب وموريتانيا تمتد عبر قرون من التواصل بين القبائل، والمصاهرة، وتبادل العلماء، والتفاعل الثقافي والاجتماعي. اللغة العربية واللهجة الحسانية ، العادات والتقاليد المشتركة، الصحراوية، والأزياء المتقاربة، مثل الملحفة والدرّاعة، تشكّل جسوراً ثقافية حقيقية تعزز الثقة بين الشعبين، وتجعل أي مشروع مشترك يتجاوز مجرد التعاون المؤسسي إلى مستوى التلاحم الاجتماعي والإنساني.

 

من هذا المنظور، يتحول معبر آمگالة إلى أداة دبلوماسية رصينة، تعكس قدرة المغرب وموريتانيا على ترجمة الإرادة السياسية إلى مشاريع عملية. فهو يعزز التنسيق الأمني، ويدعم التنمية المستدامة، ويقوي الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء التي تتطلب تعاوناً متقدماً لمواجهة التحديات المعقدة. كما يعيد للأقاليم الجنوبية المغربية دورها التقليدي كبوابة نحو العمق الإفريقي، ويمكّن موريتانيا من الاستفادة من موقع استراتيجي يفتح أمامها آفاقاً للتكامل الإقليمي.

 

في ختام المطاف، لا يمثل معبر آمگالة مجرد طريق عابر؛ إنه رمز للتعاون المستند إلى التاريخ والوعي الجغرافي والدبلوماسي. إنه مشروع يربط بين الدولة والمجتمع، ويجمع بين المصلحة الوطنية والالتزام الإقليمي، ويؤكد أن الشراكة المغربية الموريتانية تستند إلى أساس متين من الثقة والاحترام المتبادل والرؤية المشتركة للمستقبل.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى