نهر أم الربيع يواجه خطر التلوث: والجهات المسؤولة مطالبة بإجراءات عاجلة لإنقاذه.
بقلم: حسن الحاتمي ناسط حقوقي واعلامي.
اصبح يعيش مصب نهر أم الربيع اكبر كارثة بيئية في تاريخه من خلال انسداد المصب بالقرب من مدينة آزمور نتيجة تراكم الرمال والحصى والوحل إلى توقف تبادل المياه بين البحر والنهر أثناء عملية المد والجزر.
حيث تسبب هذا الانسداد في نفوق عددا كبيرا من الأسماك المختلفة جراء الثلوث وانتشار الروائح الكريهة الناجمة عن مخلفات شبكة الصرف الصحي لمدينة أزمور، مما ألحق أضرارا فادحة بالتوازن البيئي للنهر.
هذا النهر، الذي يمتد على أكثر من 600 كيلومتر، تحول إلى مسرح للتلوث، النهب، والتدمير المتعمد، ما يهدد النظام البيئي وحياة الآلاف من السكان المحليين.
حيث كانت من المساهمين الرئيسين في هذا التلوث شركة “الدرابور” في الانتهاكات البيئية بحق النهر ، بعد انحرافها عن مهمتها الأصلية المتمثلة في تنقية مصب النهر، واتجاهها نحو سرقة الرمال من غابة الحوزية سيدي وعدود بشكل علني، بتواطؤ واضح مع بعض الجهات المسؤولة إقليميا.
ورغم الشكاوى المستمرة، المقالات الصحفية، والاحتجاجات البيانات التي قادتها جمعيات المجتمع المدني،وخاصة جمعية المغرب الاخضر لحماية البيئة، لكن استمرار الانتهاكات استمر لمنذ 17 سنة ، مما اثار مجوعة من التساؤلات مشروعة حول الأطراف التي كانت تستفيد من هذه الأنشطة المضرة والغير القانونية.
اضافة إلى ذلك، استمرار تدفق المخلفات الصناعية والزراعية، فضلا عن الصرف الصحي غير المعالج من مدينة أزمور مباشرة إلى مياه النهر، كما أن السدود المتعددة وندرة الأمطار الناتجة عن التغيرات المناخية ساهمت في تقليص تدفق المياه، مما يعمق الأزمة البيئية.
حيث أدى التلوث المستمر إلى تهديد صحة السكان، مما سيتسبب في انتشار بعض الأمراض المعدية، مثل أمراض الجهاز الهضمي والجلدية، فضلا عن تكاثر الحشرات الضارة مثل الناموس. كما أن الوضع البيئي المتدهور أثر سلبا على الأنشطة الفلاحية والصيد التقليدي، مما فاقم من معاناة الساكنة اقتصاديا.
لحماية نهر أم الربيع، يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة:
1 – يجب انشاء حاجزين عبر الاسمنت بالمصب لمنع تدفق الرمال والأوحال الطينية التي تعيق تدفق المياه، مع تنفيذ عمليات جرف متخصصة لتسريع استعادة تدفق المياه وحماية النظام البيئي.
2 – المطالبة باسراع لاتمام اشغال محطة معالجة المياه العادمة قبل تصريفها في النهر لحماية البيئة وصحة السكان المحليين من المخاطر الناتجة عن تلوث المياه.
3 – تشديد الرقابة على الأنشطة الصناعية والزراعية الملوثة على ضفاف النهر وتطبيق عقوبات صارمة على المتسببين في تلوث المياه، وفقا للقوانين البيئية المعمول بها.
4 – يجب على وزارة الفلاحة، وزارة الداخلية، والحوض المائي اتخاذ إجراءات عاجلة لتفعيل السقي بالتنقيط من السدود التي على النهر، لضمان توزيع عادل وفعال للموارد المائية بين جميع المزارعين، وحماية المخزون المائي.
5 – يجب ربط الأنهار ذات كثافة مائية عالية مع الأنهار الأقل كثافة، بهدف ضمان استمرارية تدفق المياه وحمايتها من اثار الجفاف، مما يعزز استدامة المياه للسكان والنظام البيئي.
6 – يجب تشجيع المشاريع السياحية المستدامة التي تدعم الاقتصاد المحلي مع احترام البيئة، وأن تكون صديقة للبيئة.
7 – العمل على تأهيل نهر أم الربيع لاستعادته التنوع البيئي فيه، بما في ذلك عودة الأسماك والأنواع النباتية التي كانت تساهم في صحة البيئة، لضمان استدامة هذا المورد الطبيعي .
إن المسؤولية تجاه نهر أم الربيع ليست مسؤولية فردية، بل هي مسؤولية جماعية يجب أن تتحملها الحكومة والسلطات على حد سواء في الحفاظ على هذا المورد الحيوي، ومحاسبة كل من يتسبب في الإضرار به، سواء كان ذلك عن طريق التلوث أو الإهمال في التدابير الوقائية. إن إهمال هذا النهر هو جريمة بيئية يجب أن تتوقف فصولها، كما يجب على المجتمع المدني أن يستمر في الدفاع عليه عبر المبادرات التوعوية والتنموية لحماية نهر أم الربيع باعتباره إرتا وطنيا وإنسانيا.