وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة: إخفاقات تربوية وتألق رياضي.
بقلم: عبد الحكيم البقريني
صدر مؤخرا التصنيف العالمي لمؤشر جودة التعليم، وبقي المغرب قابعا بالمراتب المتأخرة حيث احتل الرتبة 154 من بين 170 دولة شملها التقرير. هي مرتبة لا تليق بعراقة الدولة المغربية وتجذرها التاريخي. مرتبة مخجلة مقارنة مع دول الجوار حيث احتلت السعودية الرتبة 16، والامارات الرتبة 20، ولبنان الرتبة 40، في حين احتلت مصر الرتبة 50، والأردن الرتبة 53، والجزائر الرتبة 143.
هذا التدني يقابله تراجع في مختلف المجالات حيث احتل المغرب الرتبة 130 من أصل 199 دولة شملتها الدراسة حول مؤشر جودة الحياة، كما احتل المغرب الرتبة 100 من أصل 137 دولة شمتها الدراسة حول مؤشر السعادة، والرتبة 140 في قائمة من 194 دولة حول أفضل دولة من حيث عدد الأشجار، كما احتل المغرب الرتبة 65 من أصل 193 دولة في مؤشر أفضل دولة يعيش فيها الأشخاص المسنين، كما نسجل غياب أية جامعة مغربية ضمن 1000 جامعة الأولى في العالم.
إلى أين تتجه الدولة المغربية؟ سؤال نطرحه أمام هول ما تطالعنا به التقارير الدولية. وإن كنا نعتز ونفتخر ببعض القطاعات التي تفوّق فيها المغرب، وأصبح يحتل رتبا متقدمة في التصنيف العالمي وفي مقدمة ذلك المرتبة 13 التي يحتلها المنتخب الوطني حسب آخر ترتيب أصدرته الفيفا. فمتى يمتد هذا النجاح لباقي القطاعات، خاصة التربية والتعليم؟ ومتى تلتقط هذه القطاعات جرعة نجاح الرياضة؟
وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة جمعت النقيضين؛ إخفاق تربوي، ونجاح رياضي. فلماذا فشلنا في التعليم، ونجحنا في الرياضة؟ مع العلم أن كليهما أولوية وطنية، ويحظيان برعاية ملكية سامية. والجواب بشكل بسيط مردّه للنجاعة ومدى توفير الاعتمادات المالية، وكذا ربط المسؤولية بالمحاسبة، فضلا عن اختيار الأنقى والأرقى.
يتغيّر الفاعل الرياضي مع كل إخفاق، وهذا الأمر يغيب في قطاع التربية؛ فكم من مدير مركزي عمّر أطول من الوزارة نفسها. ما أحوجنا لبناء الإنسان قبل إعلاء العمران! فرأفة بأبنائنا وبناتنا، ولنعلن القطيعة مع الرداءة والإخفاق، ولتكن السياسة التربوية نابعة من التربة المغربية، متشبعة بالروح الوطنية، وبالمسؤولية والجدّة والجودة. ولن يتحقق المبتغى والمراد إلا بربط المسؤولية بالمحاسبة، محاسبة المسؤول والفاعل المدبِّر للقطاع، محاسبة الأطر، محاسبة المتعلم، محاسبة الأسر إن أخلّت بواجباتها الأولية. الكل مطالب بأداء واجباته، مع تمكينه من حقوقه. لا بد من بناء الإنسان؛ فمؤسف ما نلاحظه من سلوك شاذ على مقربة من مؤسساتنا التعليمية، وهو السلوك الذي امتد لداخل المؤسسات. أبمثل هذه السلوكات اللا أخلاقية ترتقي منظومتنا التعليمية؟
وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مطالبة بفحص نقط قوة الرياضة، ومحاولة إرسائها بقطاع التعليم، ولعل السيد شكيب بن موسى الوزير الوصي على القطاع على بينة بالأمر وربما أكثر باعتباره كان عرّاب النموذج التنموي، وقام بتشريح الواقع المغربي، مع استشراف الحلول الناجعة للارتقاء بالمغرب درجات.
إن منظومتنا التعليمية في حاجة للنجاعة مركزيا وجهويا فمحليا، في حاجة لربط المسؤولية بالمحاسبة، فكم من ميزانيات بدّدت دون اهتداء للحل، ودون حسيب ولا رقيب، ولعل آخرها ما يتم تجريبه على مستوى المدرسة الرائدة، وقريبا الإعدادية الرائدة. إن الريادة الحقيقية يجب أن تكون بمحاربة الاكتظاظ، والتركيز على التعلمات الأساس بالسلك الابتدائي، والضرب بيد من حديد، والقطع التام مع مروجي السلوكات المشينة بالسلكين الإعدادي والتأهيلي، ورد الاعتبار لرجال ونساء التعليم بتكريمهم، فالقطاع قطاع تربية قبل أن يكون تعليما، إذ التعلمات تتم عبر التربية. وحالما نقطع مع كل ما يشين المدرسة المغربية، وسنعمل على بناء الإنسان سنرتقي سلم التصنيف العالمي.