الحكومة و التعليم…أي إصلاح.؟
منذ عقود ونحن نسمع ونقرأ عن موضوع إصلاح التعليم ،وكم مرة استبشرنا خيرا بتعيين وزير أو نشر مذكرة أو اقتراح قانون أو دراسة مرسوم، ولكننا في كل مرة ، أيضا، نصاب بالخيبة ونشعر بأننا في تراجع مستمر عبر عقود.
وهكذا فإن إصلاح التعليم يجب أن يرتكز على أسس متينة وحقيقية تراعي علاقه التعليم بالمجالات الاخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، ومن غريب ما سمعنا من آراء المسؤولين حول التعليم أن هناك من قال بانه نشاط غير منتج!!!!
إن رايا كهذا لا يمكنه أبدا أن يبشر بامكانية اصلاح التعليم.
إننا مطالبون جميعا مواطنين وجمعيات ومؤسسات عمومية وخصوصية وحكومية أن يكون همنا بالتعليم هو أولوية مثلها مثل الوطنيه والانتماء ،ذلك لأن مهمة التعليم الأولى هي تكوين العقل والجسم السليمين، والمواطن الصالح الذي سيتولى مهمة تسيير قطاع من القطاعات الاجتماعية او الاقتصادية، أو يشارك في الحراك السياسي من أجل تحقيق الديمقراطية وحماية الشعار الخالد ” الله الوطن الملك” و هو من سيمثل المواطنين في البرلمان وفي الهيئات والجمعيات.
فماذا ينقصنا ؟ الموارد البشرية موجودة والموارد الماليه كذلك، فأين الخلل ؟ لعله في ترتيب الأولويات بشكل مقلوب ،وقد لا يحتاج هذا الحكم الى كثير من البحث وإنما يكفي أن ننظر الى شوارعنا واسواقنا وازقتنا ومدارسنا ومستشفياتنا لنرى كيف رسمت علامات الجهل في التعامل مع الناس والمحيط حيث اختلط الحق بالواجب وطغت الانانية وحب الذات على المصلحة العامة التي هي اساس من أسس قوة الدولة ومؤسساتها.
واليوم، وفي خضم هذه الاحتجاجات التي يخوضها رجال التعليم ونساؤه، فإنهم يطالبون بحقهم في المساواة بينهم وبين الموظفين الآخرين سواء في قطاع التعليم او في قطاعات اخرى، ونعني هنا من بين قضايا أخرى ، مسالة الرواتب التي تصر الحكومه على أن يكون مصدرها من ميزانية الأكاديميات وليس الخزينه العامة للمملكة إسوة بباقي موظفي الدولة ، فهذا هو صلب الموضوع والذي تحاول الحكومه أن تعتم عليه بتجديد الأسماء التي تصف بها الأساتذة المتعاقدين أو كما يسمون أنفسهم “الذين فرض عليهم التعاقد “.
ومهما كانت سياسة الحكومة التي تقول بأن لها اولويات اجتماعية ،فان موقفها من رجال التعليم ونسائه لا يشرف ، والدليل على ذلك أن الحوار بين المتعاقدين والحكومة حوار أطرش ، وعوض أن تبحث الحكومة عن حلول لقضية المتعاقدين فإنها تبحث عن وسائل لقمع المحتجين وتفريق المتظاهرين بالهروات والقمع والتنكيل وكأنها لا تعلم أن هؤلاء المحتجين هم أبناء الوطن أولا وهم من سيتولون تكوين المواطن المغربي الذي سيحتاجه الوطن في الرخاء وفي الغلاء، وفي المواقف الصعبة التي تنتظر كل الشعوب، وذلك نظرا لما يجري الآن في العالم كله من اضطرابات وويلات وحروب ومخططات إمبريالية لا يمكن ان نواجه توسعها وامتدادها بالجهل والفقر والمرض والهراوات التي تسلط على رؤوس رجال التعليم ونسائه.
إن على الحكومه أن تستغل الظرف الجهوي والعالمي لتقوية الجبهة الداخليه لمواجهة المتربصين بهذا الوطن والمزعجين الذين يترصدون أي سقطة ليشهروها إشهارا ويطبلون لها تطبيلا.