شكري الذي شغل الدنيا حيا وأزعج البعض حتى بعد موته.
بقلم: عبد الحكيم البقريني
شاء منظمو مهرجان “تويزا” الاحتفاء بمحمد شكري، لكنهم سقطوا سقوطا مريبا في اختيار شعار ندوتين الأولى بعنوان: شكري “اللا أخلاقي” والثانية: خطر السقوط الأخلاقي.. أين نسير؟
أثار الشعاران موجة غضب متباينة بين مدافع وبين رافض لهما، لما يحملانه من إساءة للمبدع المغربي الذي شغل الدنيا حيا بإبداعه وعصاميته وواقعية كتابته السردية. وإن كان الطرف الأخير لا يرى إساءة في العنوان، باعتبار أن: “مفهوم اللاأخلاقي لا يتعارض مع الأخلاقي، وإنما هو حالة عدمية، أو عبثية، كما أبدعها أنديه جيد في رائعته “اللاأخلاقي”” كما جاء في رد عبد اللطيف بنيحيى في ردّه على منتقدي الشعار باعتباره مسير جلسة شكري “اللأخلاقي” والتي ستقام يوم الجمعة 26 يوليوز 2024 بفضاء رياض السلطان بالقصبة.
“لقد كان شكري كاتبا منشقا ومقاوما وإنسانا ورائدا ومصححا لأدب الكتابة عن الذات… وهو الذي وصفه لحسن أوزين بالقديس تقفية على لقب جان جينيه الذي خلعه عليه أحد الكتاب والآن صار لا أخلاقيا. ومحمد شكري لم يكن يوما لا أخلاقي بالمفهوم العربي للكلمة” كما جاء في تدوينة للأديب كمال الرياحي.
يقول محمد أديب السلاوي عن مبدع الخبز الحافي: “إن عالم شكري، هو عالم مدينة طنجة، السفلي والفوقي، بمقاهيه، وحاناته وشواطئه، وأسواقه، ودروبه الخلفية، وفنادقه الشعبية الصغيرة وهو نفس العالم الذي خرجت منه مجموعة “مجنون الورد” عالم يرصد اللحظة ولا يتجاوزها، يغرق الأشياء والإنسان، ولا يبارحها”.
من كل ما سبق نستشف إنسانية شكري وواقعيته المفعمة بالقيم النبيلة والأخلاق، فهو ما كان لا أخلاقيا البتة، وإن كانت كتابته قد عبّرت عن واقعية مفرطة، وعبرت بذلك لقلوب القراء وأهلّته للعالمية، وربّما هذا الأمر مازال يؤرق بال بعض المثقفين، وبقي شكري يزعجهم حتى بعد موته. أما استدراج عنوان أندريه جيد لندوة شكري فهو اختيار غير موفق.
إن الإساءة بادية لشكري، فبين شكري اللاأخلاقي يظهر خطر السقوط الأخلاقي وكأن الجهة المنظمة تحمّل كامل المسؤولية لشكري. لهذا نقول لهؤلاء إلى أين نسير؟ فالأديب حقّق للسرد المغربي طفرة أخرى من طفرات الارتقاء إلى جانب مبدعين آخرين من أمثال محمد زفزاف وإدريس الخوري وعبد الجبار السحيمي وغيرهم ممن اختار الواقعية السردية. فكفى من ظلم المبدعين بجبة المنهج النفسي الذي ظلم العديد من الشعراء.