فن وثقافية

مجمع التنمية البشرية بعين قادوس… مشتل ورشات إنتاجية تُفجّر الطاقات وتُمكّن الشباب

قلم: عبد الحكيم البقريني
في قلب حي عين قادوس بمدينة فاس، ينبض مجمع التنمية البشرية بحيوية لافتة، حيث يلتقي التكوين المهني بالإبداع اليدوي، وتتكامل التنمية الذاتية بالعمل الاجتماعي، في نموذج حي لمقاربة تنموية شاملة. هذا المجمع، الذي لا يقتصر دوره على كونه بناية إسمنتية، يمثل مختبرا حقيقيا لتفجير الطاقات وصقل المواهب، خاصة في صفوف النساء والشباب، عبر تمكينهم من مهارات مهنية تفتح أمامهم آفاق التشغيل والإنتاج، بل وحتى التصدير نحو الخارج.
من بين أبرز الورشات التي يحتضنها المجمع، تبرز ورشة الألعاب البيداغوجية الخشبية، التي يشرف عليها الأستاذ محمد البوزيدي رفقة زوجته مونية، باقتدار وحس تربوي عالٍ. هذه الورشة الفريدة تُنتج ألعاباً تعليمية مصنوعة من الخشب، تستهدف تلاميذ المرحلة الابتدائية، وتدمج بين التعلم واللعب في قالب تربوي جذاب، يركز على تنمية مهارات القراءة والرياضيات.
ويُطرح في هذا السياق تساؤل مشروع على الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس مكناس: لماذا لا يتم الانفتاح على هذه المبادرة المحلية الرائدة وتقديم الدعم اللازم لها؟ فهي فرصة ذهبية لتجديد الوسائل التعليمية بلمسة مغربية أصيلة، من شأنها أن تُحدث فرقًا في طرق التدريس داخل المؤسسات العمومية.
لا تتوقف عجلة الإنتاج عند ورشة واحدة، بل يشكل المجمع منظومة متكاملة من الورشات التي تمزج بين التكوين والإنتاج، منها:
– ورشة الجلد: تُعنى بصناعة المحافظ، الحقائب، والأحزمة الجلدية، بتقنيات تقليدية وعصرية تُراعي الجودة والجمالية.
– ورشة الفخار: تنتج تحفاً خزفية تقليدية مغربية تُستخدم للزينة أو في الحياة اليومية، وتلقى رواجًا محليًا ودوليًا.
– ورشة الحديد: تُمكّن المستفيدين من تعلم اللحام وصناعة الهياكل المعدنية، مع التركيز على مقاييس السلامة والإتقان.
– ورشة خياطة الأفرشة: تُنتج أغطية وأفرشة عالية الجودة، تلبي حاجيات الأسر والفنادق.
– ورشة النقش على الخشب: تُدرّس فيها تقنيات النحت لإنتاج قطع فنية تُستعمل في الأثاث والتزيين الداخلي.
– ورشة النجارة: متخصصة في تصنيع الأثاث المنزلي والمكتبي حسب طلبات الزبائن ووفق معايير دقيقة.

– ورشة صناعة الأحذية: تُصمم أحذية تقليدية وعصرية، بتشطيبات دقيقة ومقاسات مضبوطة.
– ورشة الأفرشة: تُنتج وسائد وأغطية منزلية بتشكيلات متنوعة تلائم أذواق الزبناء.
المنتوجات التي تخرج من رحم هذه الورشات لا تظل حبيسة فاس، بل تجد طريقها إلى الأسواق المغربية، وأحياناً تُصدّر إلى الخارج، مما يعكس القيمة الاقتصادية والاجتماعية للمجمع، وقدرته على إحداث تغيير ملموس في مسارات حياة المستفيدين منه.
إن مجمع التنمية البشرية بعين قادوس ليس مجرد مركز للتكوين، بل قصة نجاح جماعي تؤكد أن الرأسمال البشري المحلي يمكن أن يتحول إلى طاقة منتجة، إذا ما توفرت له الظروف المناسبة من تأطير ودعم. إنه نموذج يُحتذى به، ويستحق أن يُعمم على باقي المدن المغربية لتحقيق تنمية دامجة ومستدامة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى