بعد القرار الملكي الأخير: تأملات في مفهوم الأضحية وظروف الواقع المغربي!!

في خطوة جريئة وحكيمة، صدر مؤخرًا قرار ملكي يقضي بمنع ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى لهذه السنة، وذلك نتيجة توالي سنوات الجفاف، وما ترتب عنها من نقص حاد في الثروة الحيوانية وارتفاع مهول في أسعار الماشية. هذا القرار لم يأتِ فقط استجابةً للواقع البيئي والاقتصادي، بل كان كذلك رأفة بالفقراء والمحتاجين الذين أصبحوا يجدون مشقة كبيرة في اقتناء أضحية العيد.
مفهوم الأضحية:
الأضحية ليست مجرد عادة اجتماعية أو مظاهر احتفالية، بل هي عبادة عظيمة، تُقدَّم تقرّبًا إلى الله عز وجل، وتعبيرًا عن الامتنان لنِعَمِه، وإحياءً لسنة إبراهيم عليه السلام عندما أمره الله بذبح ابنه، ثم فداه بكبش عظيم.
وقد أجمع علماء الأمة أن الأضحية ليست فرضًا، وإنما سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، تُقدَّم إن وُجد الاستطاعة، وتُسقَط عند العجز.
لكن للأسف، ما نراه في واقعنا المغربي أن كثيرًا من الناس لا يُفرقون بين السنة والفرض، ولا بين الواجب والمباح. فتراهم يُحمِّلون أنفسهم ما لا يطيقون، ويستدينون أو يقعون في ضيق مالي فقط من أجل “الظهور” بمظهر المضحّي.
هل أصبح العيد مناسبة للاستهلاك والتفاخر؟
ما نشهده اليوم في الأسواق والمجازر من تهافت غير معقول على شراء الأكباد والشحوم، وكأن عيد الأضحى تحول من مناسبة دينية روحية إلى عيد للشره والإفراط في “الشواء” والافتراس، هو أمر يدعونا للتفكر بجدية.
لقد فقد العيد في نفوس الكثيرين معناه الحقيقي، وصار مرادفًا للإنفاق الزائد، والمظاهر الكاذبة، و”الماراطون الاجتماعي” لإثبات القدرة على شراء الأضحية، حتى لو كان ذلك على حساب لقمة العيش في باقي شهور السنة.
القرار الملكي فرصة للمراجعة:
ان هذا القرار ليس فقط إجراءً ظرفيًا، بل هو فرصة للمجتمع المغربي لمراجعة علاقته بالدين وبمفهوم الأضحية. لنُدرك أن العبادة ليست بالمظاهر، وأن التقوى محلها القلب لا موائد الشواء.
فلنغتنم هذه المناسبة لتعزيز قيم التكافل، والرحمة، والتضامن، ولنُحيي روح العيد في القلوب، وليس فقط في الموائد.
#عيد_بلا_أضحية_لكن_بروح_التضامن
#فهم_الدين_خير_من_تبعيته_العمياء
#قرار_حكيم_من_ملك_رحيم