رحلة عبر العالم وثقافته:في ثمان حلقات.

بقلم حسن برني زعيم
الحلقة الأولى: الكُتّاب في زمن التفاهة:
مرحباً بك في رحلة عبر عالم اليوم، حيث كل شيء يتحرك على شاشات صغيرة وكبيرة، و الفيديو القصير يحاصر الفكر، واللون الساطع يخطف الانتباه، والأخبار تُقذَف بلا ترتيب أو تحليل. في هذه السلسلة المكونة من ثمان حلقات مترابطة، سنستكشف معاً لماذا مازال هناك كتّاب وأدباء وعلماء يصرّون على الكتابة، رغم أن جمهور العالم يبدو غائباً، وأن الناس لم يعد لديهم وقت للتفكر أو التأمل إلا لمتابعة مباراة في كرة القدم لا تعني كثيرا من الحاضرين لأنها مباريات لا تنتمي إلى أوطانهم.
سنقارب في الحلقات القادمة كيف أثرت الشاشات والمال وسرقة المحتوى على ثقافة العالم، كيف انحرفت الصحافة، وكيف يمكن أن تصمد الجرائد الورقية، ولماذا تظل الكتابة اليوم مقاومة ثقافية ووجودية. في النهاية، ستتركك هذه السلسلة مع سؤال قاسٍ حول من يقف وراء هذا الطوفان الرقمي، وكيف يمكن للعقول الحرة أن تصمد في مواجهة التفاهة والسطحية.
في عالم اليوم، مازال هناك كتّاب وأدباء وعلماء وفلاسفة وباحثون يصرّون على الكتابة. يكتبون وكأنهم يتحدثون إلى فراغ، وكأن جمهور العالم قد تلاشى. لكنهم يكتبون رغم ذلك، لأن الكتابة ليست مجرد هواية أو مهنة، بل حاجة وجودية لا غنى عنها. الكاتب – عالما كان أو أديبا أو باحثا في العلوم الإنسانية أو فيلسوفا أو أكاديميا – لا يختار أن يكتب لأنه يحلم بالشهرة أو المال، بل لأنه لا يستطيع أن يتوقف عن التفكير والتوثيق، عن وضع بصمته على الواقع مهما كانت موجة التفاهة محيطة به.
الدراسات الحديثة تظهر أن متوسط ساعات القراءة اليومية لدى الشباب يقل عن نصف ساعة، بينما يقضي المستخدم العادي أكثر من 7 ساعات يومياً أمام الشاشات الرقمية. كل نص، كل مقال، كل كتاب، يمثل صرخة صامتة تقول: “توقف عن الانصهار في التفاهة، فكر، تأمل، تساءل، وكن واعياً لمصيرك ومصير الآخرين”.
سؤال الحلقة:
“هل ما زال لديك الوقت لتفكر، تتأمل، وتسائل، أم غمرك الطوفان الرقمي وابتلع تركيزك قبل أن تدركه ؟