تجاهل الحكومة لاحصاء عدد الوفيات للمهاجرين السريين في قوارب الموت وتركيزها على احصاء السكان !
بقلم : حسن الحاتمي
في خطوة مثيرة للجدل، اختارت حكومة اخنوش، تحت إشراف وزارة التخطيط، إجراء عملية الإحصاء العام للسكان، حيث جندت لهذه العملية نساء ورجالا بعد تكوينهم، بالإضافة إلى تخصيص موارد لوجستية ضخمة، مما أسفر عن إهدار الوقت والأموال الطائلة لهذه العملية ومع ذلك، فقد تم تجاهل إجراء إحصاء شامل للمهاجرين السريين وأسباب هجرتهم، وكذلك توثيق أعداد الوفيات في “قوارب الموت”. يعكس هذا التجاهل غياب الاهتمام الحقيقي بمعالجة الأزمات الحقيقية التي يواجهها جزء كبير من الشباب المغربي إن إحصاء المهاجرين السريين المغاربة وأسباب هجرتهم كان سيكشف بوضوح عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تدفع هؤلاء الشباب للمخاطرة بحياتهم والتي من اسباب فشل الحكومة والحكومات السابقة. كما أن توثيق عدد الوفيات في تلك الرحلات المأساوية كان سيبرز خطورة هذه الظاهرة، مما يستدعي اتخاذ إجراءات وحلول عاجلة من السلطات والمجتمع المدني للحد منها وتوفير فرص أفضل داخل هذا الوطن الحبيب.
ومن الضروري أيضا إحصاء المواد الأساسية التي أصبحت تعرف غلاء صاروخيا، وتحديد المستفيدين من هذا الارتفاع، والبحث عن الحلول المناسبة. بالإضافة إلى ذلك، لا يجب أن يغفل أهمية إحصاء العاطلين عن العمل وحاملي الشهادات، الذين يشكلون قوة عاملة محتملة تهدر طاقاتها كما أن إحصاء المواطنين الذين يعانون من الإعاقة، والأمراض العقلية، والاضطرابات النفسية أصبح ضرورة ملحة لتوفير الرعاية المناسبة لهم.
يجب أيضا إحصاء التلاميذ والطلبة الذين انقطعوا عن الدراسة، وتحليل أسباب هذا الانقطاع، إلى جانب إحصاء المواطنين المهمشين في الدواوير والبوادي الذين يحرمون من أبسط حقوقهم، والفلاحين الذين يواجهون تراكم الديون بسبب سياسات زراعية غير عادلة، مما يجعلهم وأسرهم عرضة للضياع.
ولا يمكن إغفال أهمية إحصاء الأساتذة وبعض الموظفين الذين تمت معاقبتهم وتوقيفهم بسبب مطالبتهم بحقوقهم المشروعة، بالإضافة إلى إحصاء الأفراد الذين قضوا سنوات في السجون ظلمًا، والنساء اللاتي يعانين من العنوسة واسبابها ومعالجة هذه الظاهرة، وأصحاب الشركات والمقاولين الذاتيين الذين أُجبروا على إعلان إفلاسهم بسبب الظروف الاقتصادية القاسية والضرائب المتراكمة عليهم ، كما يعد إحصاء المطرودين من أعمالهم دون نيل حقوقهم من أرباب العمل أمرا لا بد منه.
من جهة أخرى، يجب إحصاء المنتخبين والمسؤولين المستفدين من اقتصاد الريع والرخص الوطنية والدولية في اعالي البحار الذين أصبحوا أثرياء من خلال توليهم مناصب حكومية، ومراجعة ثروات رجال السلطة والمنتخبين وأصحاب النفوذ، مع تفعيل قانون “من أين لك هذا ؟” للكشف عن أي تلاعب أو استغلال للمنصب لتحقيق مكاسب شخصية .
حيث تاتي اليوم الحكومة الفاشلة بسياستها التمويهية والهروب إلى الأمام لمحاولة تطبيقها على المغاربة ، والتي تسعى دائما لخلق مواضيع لا تتماشى مع الخطابات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله والهادفة إلى تحقيق تنمية مستدامة لجميع أبناء الشعب، وضمان استفادة كافة المغاربة من ثروات البلاد، تحقيقا لمبدأ المساواة أمام القانون.
أما الإحصاء العام الذي تنفق عليه الحكومة اليوم الملايين، فهي تمتلك بالفعل كل المعلومات عن المواطنين، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، عاطلين أو موظفين، بفضل التكنولوجيا المتطورة فلا حاجة لإضاعة الوقت وأموال الشعب في إحصاءات تقليدية دون جدوى.
إن تجاهل هذه الإحصاءات الحيوية هو بمثابة تجاهل للقضايا الحقيقية التي تمس المواطن المغربي، وتتطلب حلولا جذرية لضمان الكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والفرص لكل مواطن ومواطنة .