يجب أن نبني الانسان قبل بناء الملاعيب والقناطر والطرق لاستضافة كأس العالم.
بقلم: حسن الحاتمي ناشط حقوقي واعلامي
بعد 5 محاولات، تمكنت المملكة المغربية من الفوز بحق استضافة كأس العالم عقب إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم عن قبول الملف الثلاثي المشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم لسنة 2030.
وتعتبر هذه النسخة حدثا غير مسبوق في تاريخ البطولات العالمية.
واستضافة كأس العالم ليست مجرد فعالية رياضية، بل تعد فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية للدول المنظمة في مجالات مثل السياحة، الخدمات، البنية التحتية، وغيرها من القطاعات التي ستشهد تأثيرات إيجابية.
حيث يستعد المغرب لاستضافة هذا الحدث الدولي الذي استبشر من خلاله جميع المغاربة بتفاؤلٍ كبير وقد بدأت الحكومة في إطلاق مشاريع تنموية ضخمة تشمل بناء الملاعب، واصلاح المطارات ومحطات النقل وإصلاح وتأهيل الطرق والقناطر، وتحسين الفضاءات العامة والبنية التحية تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي اعطى اوامره السامية.
ومع ذلك، لا يمكن الاكتفاء بالتركيز على القدرة المادية لاستضافة مثل هذه الأحداث دون النظر إلى ضرورة بناء الانسان قبل بناء الملاعب والقناطر والبنية التحية وغيرها .
فكيف ننتظر أن نكون جاهزين لتنظيم كأس العالم ونحن لم نفكر في بناء الانسان عبر التكوين والتأهيل والتوعية والتحسيس ليكون مواطن صالح لهذا الوطن ؟
و على الرغم من أن استضافة مثل هذه الفعاليات التي تعد فرصة ذهبية للترويج السياحي والاقتصادي والرياضي ، إلا أن هناك فجوات واضحة تعكس سوء الإدارة وغياب الرقابة في مجموعة من المجالات حيث ان هناك بعض السياح يتعرضون في المغرب لاستغلال فاضح من قبل بعض الاشخاص منهم أصحاب الفنادق والبازارات وسائقي الطاكسيات والمقاهي والمطاعم، مما يضر بسمعة المغرب كوجهة سياحية محترمة. هل من المعقول أن يتم استغلال السياح بهذه الطريقة، عبر رفع الأسعار والاستغلال الظرفي والتعامل معهم بأسلوب غير لائق ؟
هذه الفوضى لا تتعلق فقط بجودة الخدمات، بل تمس أخلاق الضيافة المغربية، وهي قيمة رئيسية تنبتق من العادات والثقاليد المغربية التي نمتاز بها مقارنة مع بعض الشعوب الاخرى يجب الحفاظ عليها وهنا يطرح السؤال:
كيف يمكننا استضافة كأس العالم في بيئة يعمها هذا الاستغلال والفساد والعشوائة ؟
ان الخطابات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله تدعو دائما إلى التنمية وتحسين الخدمات العامة والاستقامة في العمل والحرص على تنفيذ الواجب وغيرها من التوجيهات، إلا أن الواقع يكشف عن غياب تام للرقابة من الجهات المسؤولة، وخاصة في القطاع السياحي.
أين هي الجهات التي من المفترض أن تحمي سمعة المغرب وتضمن تقديم خدمات تليق بمستوى تطلعات الشعب المغربي ؟
لا يمكن للتنمية المستدامة، التي تشكل جزءا لا يتجزأ من رؤى جلالة الملك، أن تتحقق دون إصلاحات جوهرية تشمل تفعيل آليات رقابية صارمة.
يجب على الحكومة رغم اننا لاحضنا فشلها في مجموعة من المجالات لكن عليها أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في مراقبة القطاعات السياحية وغيرها، وذلك لضمان تقديم خدمات تحترم حقوق المواطنين والسياح على حد سواء.
كما ان التحضير لكأس العالم يجب ألا يقتصر على بناء الملاعب والطرق وغيرها ، بل يتطلب
تحسينا جذريا في المعايير الأخلاقية والمهنية إن غياب الاخلاق وعدم الانضباط وضعف الرقابة يشكلان أكبر عقبة أمام تحقيق الأهداف التنموية الكبرى التي نطمح اليها جميعا.
على الحكومة أن تعلم أن سمعة المغرب لانريد تشويهها ، وأن الرقابة الصارمة على القطاعات السياحية أمر لا يمكن تجاهله إذا أردنا أن نكون في مستوى هذا الحدث العالمي.