بالتي هي أحسن في مجال مكافحة التضخم كقضية أمنية.
بقلم : مصطفى المنوزي .
أول فكرة تبادرت إلى ذهني وأنا أعاين لحظة معانقة لاعبي النخبة الوطنية ؛ بملعب ابن بطوطة بطنجة ، لرئيس أكبر مؤسستين أمنيتين في البلاد ، هي أن الدولة في شخص رئيسها الدستوري اختار هذه الشخصية وهذه الرأس كقناة لتبليغ رسائل المساندة والتحفيز المعنويين ، عوضا عن حضور الحكومة أو الوزارة الوصية على القطاع والتي يترأسها مهندس المشروع التنموي الجديد ، مما يؤكد بأن ” كرة القدم ” شأن سيادي . ليس في الأمر أي عيب وإنما ينبغي مراعاة كلفة هذه العناية وأخلاقيات تدبيرها وتجويد أبعادها الإنسانية والتنموية .
حقا إن هذه الفترة التي تعيشها الرياضة ” الشعبية ” أو “الجماهيرية ” تتميز كميا ونسبيا، على مستوى الحصيلة ، عن الفترات السابقة التي كانت تسند فيها المسؤولية ، على رأس الجامعة الملكية لكرة القدم ، لقدماء الرياضيين العسكريين ، وحيث كان أغلب اللاعبين يختارون من فريق الجيش الملكي ؛ كان ذلك اختيار مرحلة ؛ واليوم وارتباطا بسياق اللحظة أعلاه ؛ حضرتني فكرة اعتبرها مادة خام للنقاش ومنتجة لإمكانية تثمين وتنمية أدوار المؤسسة الأمنية ، خاصة في ظل التحولات الجارية عالميا ووطنيا ؛ والفكرة التي استهوتني هي كالآتي : مادام العقل الأمني يشتغل دوليا ويساهم في محاربة الإرهاب والتطرف وردع الجريمة الدولية وتبييض الأموال ، ومادامت الأمن مرتبط بالقرار المالي والإقتصادي دوليا ووطنيا ؛ فلماذا لا يتم التفكير ، وفي إطار الوقاية والإستباق ، في إمكانية الإنتقال من مناهضة النتائج إلى إستئصال الأسباب ، وذلك بفتح أوراش التكوين والتمرين على مناهضة أسباب التضخم ومظاهره ، ما لذلك من تأثير ووقع على الخصاص الإجتماعي ، لأن هذه المهمة مرتبطة بإشكاليات وإكراهات الأمن المعرفي والمعلوماتي وعلاقتها بالفساد والجرائم المالية والإقتصادية ، في ظلال مقتضيات إقتصاد الأزمات والحروب وآثار العولمة واللبرالية المتوحشة على مشاريع التنمية الإجتماعية ، ناهيك عن تداعيات حالة الطوارئ الصحية وما نتج عنها من هشاشة وتوتر . وكل هذا ضمن استراتيجية وطنية واضحة الأهداف والأبعاد وبتنسيق وإشراف المؤسسة القضائية والنيابة العمومية ، وفي إرتباط قوي مع قضايا البحث العلمي وقضايا حقوق الإنسان .
* رئيس المركز المفربي للديمقراطية والأمن .