بقلم : عبد الحكيم البقريني
حج اليوم، الرابع من يناير أربعة وعشرين وألفين، رجال ونساء التعليم من كل فج عميق، وسهل منبسط، وجبل عال. حجوا بالآلاف ولسان لحالهم يردد: نريد تعليما صائنا للكرامة، ضامنا للحقوق.. ملبيا لحاجات المتعلمين. ولأول مرة رفعت الشعارات قبل موعد المسيرة مباشرة من محطة القطار بالرباط.
لبى المحتجون نداء تنسيقياتهم، فهل ستلبي الحكومة وتتفاعل مع المطالب المشروعة والعادلة للشغيلة؟ أم أنها ستدس رأسها في الرمل في انتظار مرور العاصفة؟
مسيرة اليوم وما سبقها من مسيرات ممركزة، وجهوية أو إقليمية، مررت مجموعة من الدروس والعبر. لا ندري إن كانت الحكومة قد التقطتها أم لم تلتقطها، أم أنها تجاهلت الرسائل والتي في مقدمتها أن النقابات الأكثر تمثيلية – وإن حملتها الانتخابات – فهي لا تعبر عن إرادة الشغيلة التعليمية، وثانيها لا وجود لمحاور يمثل رجال ونساء التدريس الممارسين داخل الفصول الدراسية، والذين عانوا طويلا من التملص الحكومي من الاتفاقات المبرمة والتي لم تنفذ، لينتج عن ذلك تأسيس التنسيقيات، التي في حقيقتها نتاج تجاهل مطالب فئوية عملت الحكومات السابقة على قبرها وزرع سياسة التفرقة…
المسيرات التعليمية أثبتت صحوة الأطر التعليمية واستعدادها لانتزاع حقوقها المهضومة على مدار عقود، ورغبة في إرساء مدرسة عمومية ذات جاذبية حقيقية، بعيدة كل البعد عن الصورة التي تقدمها الوزارة، المسيرات رفعت شعار لا لضرب مجانية التعليم العمومي، وتغول القطاع الخاص. فضلا عن تحسين ظروف العمل وصون الكرامة للمدرس وللمتعلمين على حد سواء. هذا دون أن ننسى العدالة الأجرية. كل هذه الرسائل وغيرها يمكن التقاطها من ممثلي التنسيقيات وليس من محاوريها من النقابات الخمس والتي نأت عن الانشغالات الحقيقية لرجال ونساء التعليم. فهل تحدّ الوزارة ومعها الحكومة نزيف هدر الزمن المدرسي وتستدعي التنسيقيات للتشاور، أم أنها ستبقى وفية للنقابات؟
حجم مسيرة الرابع من يناير، أربعة وعشرين وألفين أثبت نجاح الاضراب الذي فاق الثمانين بالمائة حسب الاحصائيات التي تناقلتها التنسيقيات الإقليمية، في غياب تام لبلاغ الوزارة التي ما زالت منهمكة في تجويد نظام أساسي كان قد أعلن أنه دخل حيز التجميد. فهل إخراجه سيحدّ من التصعيد؟ أم أننا سنمرّ للتهديد؟ أسئلة وأخرى ستطالعنا بها الأيام القادمة، وما ستحمله من جديد.