أخبار وطنية ودولية

مكاشفات ومكتشفات زلزال الحوز

بقلم: عبد الحكيم البقريني

ضرب الزلزال إقليم الحوز، وذاك أمر طبيعي رباني، وخلف ما خلفه من دمار وخراب وضحايا على غرار ما يقع في كل البقاع. بيد أن الزلزال المغربي جعلنا نقف على واقع مرير، ونرقب بحسرة بَوْن الفوارق بين الجهات وهشاشة المناطق المنكوبة.

ضرب الزلزال جماعات قروية محدودة، فوقعت المنازل فوق رؤوس أصحابها، ودكت دكا.. فوجدت فرق الإنقاذ صعوبة في الوصول للمنكوبين لوعورة المسالك الطرقية، إما بانقطاعها أو لانعدامها أصلا. وهنا يتشرع السؤال لماذا مازالت هذه المناطق معزولة؟ وما حظها من الشبكة الطرقية؟ وإلى متى ستبقى كذلك؟ ولماذا لم تستفد من التنمية على غرار باقي القرى؟ وما نصيبها من صندوق تنمية العالم القروي؟ وما مآل أموال هذا الأخير؟ أسئلة حارقة تبقى معلقة أو مسيجة بلغة الخشب.

فضح الزلزال هشاشة قرى الأطلس وبُعد الواقع عن التنمية البشرية، الشيء الذي يجعلنا نقرُّ بأننا بصدد مغربين: أول ينافس عالميا صناعة وتجارة، مغرب البراق والطريق السيّار. ومغرب الهشاشة والفقر، حيث تُحمل الحوامل والمرضى على ظهر الدواب، وغيرها من الصور التي لا تشرفنا بنقلها. فأين التضامن بين الجهات؟ وأين الرسائل الملكية السامية التي دعت في أكثر من مرة لوجوب تقليص الفوارق بين الجهات؟ ألا يتطلب الحدث محاكمة مدبري الشأن المحلي؟

ضرب الزلزال فبلعت الحكومة لسانها، وصامت عن الكلام والفعل، تاركة المجال لوزارة الداخلية وللمبادرات الجمعوية، فكان أول خروج لها بتغريدة رئيس الحكومة مباشرة بعد اجتماع المجلس الوزاري وإعطاء جلالة الملك أعزه الله أوامره السامية بالنزول للميدان بقرارات من شأنها تخفيف عبء النازلة.. وهنا نقر ونشيد بالمبادرة الملكية ومواساته للضحايا من خلال الزيارة الميدانية أو التبرع بدمه، ومساهمته المالية في الصندوق الذي أحدث لمواجهة تبعات الظاهرة. كما نثني على التضامن الشعبي ومساهمته العينية في التخفيف من أزمة الضحايا رغم ما يعانيه وعاناه هذا الشعب من غلاء الأسعار، وصمت حكومي مريب.

واقع هشاشة مناطق الزلزال وصمة عار على جبين مدبري الشأن المحلي، نقطة سوداء لن تغتفر على امتداد الحكومات المتعاقبة. منتهى الخجل أن نجد بمغرب القرن الواحد والعشرين دواوير بلا مسالك طرقية، وأخرى بنيتها الطرقية مهترئة لن تصمد أمام أدنى الظواهر الطبيعية.. واقع المنازل الطينية البسيطة يسائل الفوارق الطبقية داخل الوطن الواحد؛ مغرب العمارات الشاهقة والمصاعد، ومغرب الحفر والنقل الحَمَرِيِّ. فهل ما اكتشفناه خلال الزلزال سيجعلنا نرفع سياسة القطع مع الماضي؟ ونعلن انبعاث أطلس شامخ ببناياته، شاهق بمؤهلات اقتصادية تدخل الساكنة دائرة التنمية البشرية. نأمل انطلاقة وانتقال لواقع جميل جمال الأطلس، عال علوّه.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى