الشعر الأمازيغي والحساني، المقاربة المجازية والتاريخية.
متابعة ياسين هنون .
نظمت جمعية أفولكي للتنمية والتعاون بدعم من وزارة الشباب والثقافة التواصل – قطاع الثقافة –ندوة ثقافية، خلال فعاليات الدورة الأولى من ملتقى الإبداع الشفهي حول موضوع: ”الشعر الأمازيغي والحساني، المقاربة المجازية والتاريخية.” وذلك يوم 05 ماي 2023 بدار الشباب إفران الأطلس الصغير، إقليم كلميم على الساعة الرابعة والنصف مساء.
وقد عرفت أشغال الندوة من الملتقى حضورا متميزا لمجموعة من المهتمين والباحثين في مجال الثقافة الأمازيغية والحسانية ومجموعة من الفعاليات الجمعوية والنقابية والسياسية إلى جانب عدد هام من شباب المنطقة، كما عرفت تغطية متميزة من قناة تمازيغت المغربية ومختلف المنابر الإعلامية الجهوية والمحلية.
افتتح الأستاذ شهايب عبد اللطيف أشغال الندوة الثقافية حول موضوع: ”الشعر الأمازيغي والحساني، المقاربة المجازية والتاريخية.” بترحيبه بالأساتذة والدكاترة المحاضرين وكدا الحضور وكل من لبى دعوة الجمعية لحضور أشغال هده الندوة ليعطي الكلمة للمتدخلين.
أعطى الكلمة في البداية الي السيد رئيس الجمعية الأستاذ: الرامي عبد الرحمان بحث افتتح فعاليات الدورة الأولى من ملتقى الإبداع الشفهي بكلمة ترحيبية، رحَّب من خلالها بالضيوف الكرام الوافدين من مناطق بعيدة، وبالأساتذة المحاضرين، كما نوَّه بالحضور المكثف لمثقفي المنطقة، مبرزا السياق الوطني والمحلي الذي جاء فيه هذا الملتقى: يتجسد الأول في دستور 2011 الذي اعترف بتعدد مكونات الثقافة المغربية، وفي إطلاق ورش الجهوية المتقدمة، وكذا المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. ويستقي الثاني أهميته من اعتبار الجنوب المغربي على وجه الخصوص مجال تعايش لكثير من الأنماط الثقافية المختلفة، بحكم التفاعل القائم بين الساكنة الأمازيغية ونظيرتها الحسانية اللتان استوطنتا هذا المجال الجغرافي وكدا الإقرار الدي أصدره العاهل المغربي محمد السادس أمره السامي بترسيم رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمي، هدا القرار جاء في إطار إضفاء الطابع الرسمي على الهوية الأمازيغية للبلاد، واستجابة لسنوات من مطالبات الفاعلين المدنيين بهذا الترسيم. وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية بخصوص النهوض بكافة التعبيرات الثقافية المغربية، وتجسيدا للتنوع الثقافي والمجالي الذي تزخر به الأقاليم الجنوبية المغربية والذي يجمع الأمازيغية والحسانية في ركائز الثقافات الأصلية والمقاربة التاريخية التي تربطهما في مجالات عدة أهمها مجالات الشعر الشفوي والامثال ومعظم العادات والتقاليد.
يهدف الملتقى الى إبراز التقارب الثقافي والمكانة التاريخية التي تحظى بها الثقافتين وأهمية الإبداع الشفهي، كما أن الدورة عرفت استضافة مجموعة موسيقية حضرت الندوة كضيف شرف هذه الأخيرة أعطت الكثير بإبداعها الفني في مجال الأمازيغية مجموعة لارشاش الأمازيغية، إضافة أن الملتقى عرف تكريمات لبعض الفنانين والفاعلين الجمعويين المحليين.
أشار السيد مدير دار الشباب إفران الأطلس الصغير الي أهمية الموضوع المتناول في الندوة والمختار من قبل الجمعية بحكم الظرفية الوطنية لإقرار راس السنة الامازيغية يوم عطلة، قصد مناقشته ودراسته من طريف المتخصصين في الميداني وأهمية الشعر الأمازيغي والحساني لمعرفة هل مناك تجانس وتلاقح تقافي بينهما ام لا باعتباره إرث ثقافي وجب المحافظة عليه. تم نوه بمجهودات الجمعية في العمل الدي تقوم به من خلال اشتطها السنوية معبرا على وان مؤسسة دار الشباب مفتوحة أمام متل هده المبادرات الثقافية وافنية التي تعبر عن ثقافة المنطقة وتسهم في التعريف بها والنهوض بها.
وأعطى السيد مسير الندوة السيد عبد اللطيف شهايب طالب باحث بسلك الدكتوراه في إطار بداية أشغال الندوة قدم عرضا مفصلا حول المسار التاريخي الدي قطعته الجمعية (جمعية أفولكي للتنمية والتعاون) منذ تأسيسها و أهم المحطات الثقافية و الاجتماعية و التربوية و البيئية التي قامت بها من أجل النهوض بدوار ارز بالخصوص و المجال الافراني بشكل عام حيت أشار الي ان سنة التأسيس الجمعية تأسست منذ سنة 2008 حيت عملت على تنظيم مجموعة من الأنشطة التربوية والاجتماعية و التفافية، الي حين سنة 2021تم إعادة انتخاب مكتب جديد للجمعية و يتميز بنفس شبابي دينامي وغيور على المنطقة وكذا يتضمن العنصر النسوي لإدماجه كمقاربة للنوع في الفعل الحقوقي الاجتماعي للمنطقة. وأتى هدا المكتب الجديد للجمعية بمجموعة من الأفكار الجديدة قصد تنزيلها على أرض الواقع وتتضمن رِؤية الجمعية المستقبلية، ورسالة الجمعية التي تريد ايصالها للفاعلين في المجال وعموم المواطنين بإفران وخارجه، الأهداف الجديدة التي تريد الجمعية تحقيقها، الاستراتيجية التي تعمل بها الجمعية هي تنظيمية وتوزيع المهام بين أعضاء الجمعية. ومجالات التي تشتغل فيها الجمعية…
استعرض في إطار موضوع الندوة كل من الشاعرين الأمازيغيين الافرانيين المحفوض زنيوز والحسين أكيلال وصلات إبداعية تعبر عن مكانة الابداعات التي يتميز بها اهل منطقة غفران الاطلس الصغير في نظم الشعر الأمازيغي والتي أضفت على الندوة طابع حماسي تفاعل معها الحضور والتي كان موضوعها بمناسبة إقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية. حيت أفاد بيان للديوان الملكي المغربي -يوم الأربعاء 2023/05/03– بأن الملك محمد السادس أمر “بإقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية”. كما أصدر جلالته توجيهاته إلى رئيس الحكومة المغربية قصد “اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي السامي” وجاء هذا القرار -يضيف البيان- “تجسيدا للعناية الكريمة، التي يوليها جلالة الملك للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”. كما يندرج “في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية”، وفق البيان ذاته. هدا وكما جاء على لسان الشعراء في الندوة معبرين على هدا الموضوع بشكل ارتجالي اما الحضور:
إخف أسكاس أمازيغي
اسكر كيس أوكليد أسونفوا
فرحن أك إمازيغني
الملك ادييكن ادووم ربينغي
بعد ذلك اعطى الكلمة للشاعر الحساني و المهتم بالشعر الحساني ذ.مالعينين الرقاوي حيث افتتح مداخلته باعتبار الصحراء مهد الحضارة الإنسانية إلى الوقوف عند كون الصحراء مجال تلاقح مجموعة من الثقافات: الأمازيغية والصنهاجية والمصمودية والزناتية والطوارقية… فيختتم مشاركته بذاكرة الطوبونيميا (الطبيعية والبشرية والعمرانية) المشتركة ذات البعد الأمازيغي، مقدما جملة من الألفاظ المشتركة بين مناطق متباينة سواء خاصة في الشعر الحساني والشعر الأمازيغي، ذلك هما ركنان متلازمان لاستمرار الثقافة والحضارة المغربية عبر العصور إلى جانب الثقافة العربية، وبالتالي فطبيعة العلاقة التي تجمع الثقافتين تنعكس لا محالة على المجتمع المغربي ككل. كما لا يخفى على أي مغربي مهتم بمكونات نسيج بلده أن المغرب يتوفر على فسيفساء ثقافية قل نظيرها في العالم وبالتالي فانه من الطبيعي أن يكون هناك تناغم وتجانس، وإلا كيف يمكن أن تعيش جل الأسر المغربية جنبا إلى جنب بغض النظر عن انتمائها. وقد اعتبر أن هذه المنطقة إفران الاطلس الصغير رمز للتنوع الثقافي والحضاري للمغرب خاصة في الشعر والأدب بحكم ان افران يسمى بوادي الادباء فهنا تلتقي الامازيغية والحسانية وحضارات أخرى.
اختتم مداخلته بتركيزه كذلك على مكون الأوزان الشعرية في النظم الحساني ذاهبا إلى أنها من جدور أمازيغية، ممثلا لذلك بوزن ”أحويويص”، وبنماذج شعرية أمازيغية وحسانية منظومة على الوزن نفسه.
ليتم الانتقال إلى الأستاذ ذ. الحسين تشاكو باحث في الثقافة الأمازيغية فقد أعطى كلمة شكر فيها الجمعية التي استطاعت أن تدخل الي كل البيوت الإفرانية مسترسلا في كلامه وعلاقة بالموضوع الدي تم تخصيصه للندوة الشعر الامازيغي والحساني، المقاربة المجازية والتاريخية فأشار الي ان تاريخ منطقة افران هو تاريخ عريق وقديم ويتميز بغناه الأدبي حتى يطلق على وادي افران بواد الأدباء هو واد رقراق وواد للشعراء فإنها منطقة تزخر بالعديد من الشعراء الأمازيغيين.
عبر فيما يخص الشعر الامازيغي من خلال تجلياته في طبونومية المنطقة حيت ان الحسانيون هم من وافدو على المنطقة (واد نون) وأشار الي ضرورة البحت في انعقاد متل هده الفرص من أجل التحدث حول الشغر الامازيغي في افران اد نجد من مجموعة من الموضوعات التي يتم النظم فيها من قبيل: الموضوعات الاجتماعية والدينية والثقافية والسياسية. وأعطى متال الي الشاعر أودرع نموذج الابداع الشعري الامازيغي المحلي. وفي (دوار ادا وشقرا: محمد اومحمد) و (دوار تنكرت: علي اوملود) و(دوار أكماض : مبارك أمنصور ) مسترسلا ان أغلب الشعراء الأمازيغيين ينظمون شعرهم بشكل ارتجالي وعلى اوزان الشعرية المختلفة من قبيل : أحوزي و تاشتوكت و سيدي حموا وهناك من يذهب الي الدمج بينهم . كما ذكر خاصية يتميز بها الشعر الأمازيغي الارتجالي في الالقاء يكون قصير ولا يكون فيه الاطناب وكترة الكلام أي يكفون بما قل وذل.
واختتم مداخلته متحدتا عن التلاقح الثقافي وملامحه عل مستويين هما:
على المستوى الجغرافي فان هناك قرائن ودلائل تؤكد بوضوح عمق التعايش والتجانس بين الثقافتين بحيث نجد في عموم المناطق الصحراوية الأسماء التي تطلق على هذه الربوع امازيغية وينطقها الإنسان العربي الحساني بنوع من السلاسة والطلاقة والقبول، دون أدني حساسية أو إقصاء، ك «أخف النير، تغاط، تكلسامت، ادروم……» والكل يعي ماذا تعني هذه الأسامي باللغة الامازيغية
على مستوى آخر وهو الأعمق والمهم وهو المستوى أو البعد التاريخي للمسألة، نستحضر هنا قبائل منطقة وادنون التي تعود إلى قرون عديدة، والتي انسجم فيها المكون الأمازيغي بالحساني دون أية حساسية.
بعد النقاش المستفيض والدي أجمع ان هناك تكامل وتجانس وتلاقح تقافي بين الثقافة الامازيغية والحسانية الشيء الدي سيؤثر علة الشعر كالك وسيعرف بدوره تجانس وتلاقح لا سيما من حيت الكلمات وبعض الأسماء والمصطلحات المستعملة في نظم الشعر والدي يكون ارتجالي وليد الصدفة وذو معنى وسياق موزون. وانتقل الحضور إلى حدث تكريم الأستاذ إبراهيم أسايس باعتباره من الفعاليات الجمعوية المحلية، وباحثا في الثقافة الأمازيغية، حيث قدمت له الجمعية تذكارا وشهادة تقديرية وعرفان بدوره المتميز في مشاركته الفاعلة والوازنة المتنوعة في مجال ال المحلي ولما قدمه بكل سخاء وجهد من اجل خدمة المنطقة، ولمساهمته في تنميتها من خلال مجموعة من الأنشطة الثقافية التي تنظمها الجمعية. والتي يكون فيها السباق الي أخد البادرة في السهر على تنضيمها وإنجاح أنشطها.
وكذلك تم تكريم مجموعة لارشاش في شخص الاستاذ المتدخل في الندوة ذ. الحسين تشاكو باحث في الثقافة الأمازيغية وفرد من أفراد مجموعة لارشاش التي أعطت للساحة الفنية الكثير نظرا لأبداعها المتميز والكلمات المستعملة وطريقة عملها والتعبير عن واقع المجال الافراني في مجموعة من الأغاني التي تم تسجيلها.
وقد اختتمت أشغال الندوة الوطنية بتوصيات تم استقاؤها من تفاعل الحاضرين مع الموضوع، انصب جلها في اتجاه ضرورة استحضار البعد التربوي من أجل تعريف المتعلمين بهذا التفاعل ومكانة الشعر الأمازيغي والحساني في الحيات التعليمية لدي الناشئة، وكذا العمل على صياغة معجم ثلاثي: حساني، وعربي، وأمازيغي. وأن الشعر الامازيغي والحساني يحتاج الي دعم الشاعر ومد له يد العون وتشجيعه للوصول الي المبتغى واعتلاء مراتب متقدمة في المستقبل.