العنف المدرسي بالمغرب: ناقوس خطر يهدد المنظومة التربوي.

بقلم: عبد الحكيم البقريني
في السنوات الأخيرة، أصبحت ظاهرة العنف المدرسي، خاصة اعتداءات التلاميذ على الأطر التربوية والإدارية، تؤرق بال المجتمع المغربي بكل مكوناته. فقد سجلت العديد من المؤسسات التعليمية في مختلف مناطق المملكة حالات متكررة من العنف اللفظي والجسدي، ما يستدعي وقفة جادة لبحث الأسباب ووضع حلول ناجعة.
تشير الإحصاءات والتقارير الصادرة عن بعض النقابات التعليمية والهيئات الحقوقية إلى تزايد مقلق في حالات الاعتداءات، حيث لم يعد الأمر يقتصر على المشادات الكلامية، بل تطور في بعض الأحيان إلى اعتداءات جسدية خطيرة، طالت أساتذة ومديرين وحراس أمن، بل وحتى زملاء التلاميذ أنفسهم. وقد تم توثيق العديد من هذه الحالات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما زاد من حدة الجدل وسلط الضوء على خطورة الوضع.
ويعزو عدد من المتتبعين هذا الانفلات إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها غياب الوازع التربوي داخل بعض الأسر، وتراجع سلطة المدرسة، وضعف التنشئة الاجتماعية، بالإضافة إلى التأثير السلبي للإعلام الرقمي وما يبثه من محتويات تشجع على العنف. كما أن المنظومة التعليمية نفسها، بما تعانيه من اكتظاظ ونقص في الموارد والدعم النفسي والتأطير التربوي، تعد عاملاً مساعدًا في تفاقم الأزمة.
من جهتها، دقت النقابات التعليمية ناقوس الخطر، مطالبةً بضرورة توفير الحماية القانونية للمشتغلين في قطاع التعليم، وتفعيل العقوبات الرادعة في حق المعتدين، إلى جانب تعزيز آليات الوساطة والإنصات داخل المؤسسات. كما دعت إلى إدماج التربية على القيم، والتواصل اللاعنفي، ضمن المناهج التعليمية بشكل أكثر فاعلية.
إن تفشي العنف داخل المدارس لا يهدد فقط سلامة الأطر التربوية والإدارية، بل يقوض أيضًا البيئة التعليمية برمتها، ويؤثر سلبًا على التحصيل الدراسي للتلاميذ. ومن ثمة، فإن معالجة الظاهرة تقتضي تضافر جهود الجميع: الدولة، الأسرة، المجتمع المدني، والإعلام، من أجل استعادة هيبة المدرسة وترسيخ ثقافة الاحترام والحوار.
فهل تكون هذه الصرخات المتكررة بداية لصحوة حقيقية تعيد للمدرسة المغربية مكانتها وقيمتها التربوية؟ أم أننا سنستمر في سياسة التراخي حتى نفقد ما تبقى من تماسك المنظومة التعليمية؟