ضرب القدرة الشرائية بالمغرب وقرب انقراض الطبقة الوسطى

بقلم: عبد الحكيم البقريني
تعرضت القدرة الشرائية للمواطن المغربي منذ تولي حكومة الكفاءات لأزمات حقيقية في ظل موجات متتالية من ارتفاع الأسعار، الشيء جعل الفئات المتوسطة تتأثر، أما الضعيفة فبالكاد تكافح لتأمين متطلبات العيش. ومع استمرار هذه الأزمة، يواجه المجتمع المغربي خطر اختفاء الطبقة الوسطى وانقراضها، وهي التي تمثل صمام الأمان الاقتصادي والاجتماعي.
شهد المغرب خلال الولاية الحكومة الحالية ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد الأساسية، وخاصة المواد الغذائية الأكثر استهلاكا، والطاقة، بسبب عوامل داخلية وخارجية، مثل التضخم العالمي، وتقلبات أسعار النفط، وتداعيات الجفاف، بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية المحلية. ورغم محاولات الحكومة تقديم دعم لبعض الفئات الهشة، فإن نتائج التدخلات ظلت محدودة أمام تراجع القدرة الشرائية، وتآكل الدخل.
تشكل الطبقة الوسطى العمود الفقري للاقتصاد المغربي، وتضم الموظفين، من أساتذة، وأطباء، فمهنيين. بيد أن السنوات الأخيرة تميزت بتآكل هذه الطبقة بسبب تجميد الأجور، وارتفاع الضرائب وكلفة المعيشة، مما أدى إلى انحدار شريحة واسعة منها نحو الهشاشة الاقتصادية، لتصبح في مهب الريح. ويصبح امتلاك السكن، أو التعليم الجيد، أو حتى تغطية نفقات الحياة اليومية يشكل عبئا متزايدا على هذه الفئة التي كانت إلى عهد قريب صمام الأمام.
إن انكماش الطبقة الوسطى يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، حيث سيؤدي إلى ضعف الاستهلاك الداخلي، وتراجع الاستثمار في قطاعات مثل العقار والتعليم والصحة. كما أن غياب هذه الطبقة يخلق فجوة واسعة بين الأغنياء والفقراء، مما قد يزيد من معدلات الاحتقان الاجتماعي ويهدد التماسك المجتمعي.
ولمواجهة هذه الأزمة وجب على الحكومة اتخاذ إجراءات جريئة، مثل تحسين الأجور، وتخفيف الضغط الضريبي، ودعم القطاعات الإنتاجية لتوفير فرص عمل وتحقيق توازن اقتصادي. كما أن تعزيز الحماية الاجتماعية وبرامج الدعم المباشر للأسر المتضررة من شأنه أن يساعد في الحد من التدهور الحاصل في القدرة الشرائية.
تواجه القدرة الشرائية في المغرب تحديات كبرى، والطبقة الوسطى أصبحت مهددة بالزوال، والانقراض إن لم تُتخذ إجراءات ناجعة وعاجلة. لذا، فإن الحلول المستدامة تتطلب رؤية اقتصادية شاملة تحمي المواطنين من الغلاء وتضمن لهم حياة كريمة، وبها نحافظ على توازن المجتمع المغربي واستقراره.